سنة (١٥٢ ه) فوجّه المنصور عليهم عُقبة بن سلم الهُنّائي ، فقتل بها كثيراً من ربيعة اقتصاصاً لما فعل مِعن باليمن! وسبى كثيراً منهم وهم عرب مع مواليهم! ودفع خمسين منهم إلى رسول الخليفة المنصور إليه ليبيعهم بالبصرة! فقدم بهم البصرة ووقف بهم في المربد وأظهر أنّه يريد صلبهم وضرب أعناقهم. وكان سوّار بن عبد الله العنبري قاضي البصرة فأحضره وحبسهم وكتب إلى المنصور بخبرهم فكتب إليه بعفوهم (١)!
طبيبان من جندي شاپور للمنصور :
بعد افتتاح بغداد وسُكنى المنصور بقبّته الخضراء بها ، اصيب بضعف في المعدة فسوء استمراء وقلّة شهوة للطعام ، وكلما عالجه الأطباء زادت الأدواء ، فوصفوا له البيمارستان (المشفى) في جندي شاپور قرب الأهواز في خوزستان. وأفضل أطبائه النصارى جورج يوس بن جبرئيل بن بخت يَشوع (٢) (يسوع / عيسى) فكتب إلى عامله في جندي شاپور بإنفاذه إليه. وكان شيخاً وله زوجة أضعف منه لا تقدر على القيام.
فأحضره العامل وأكرمه وأبلغه الأمر ، فوصّى ابنه بخت يَشوع بالبيمارستان ، واستصحب معه تلميذه عيسى بن شهلاثا إلى المنصور ببغداد ، ولما حضر دعا له بالفارسية والعربية ، فأخبره المنصور بمرضه فقال له : أنا ادبّرك بمشيّة الله وعونه ، فأمر المنصور الربيع بانزاله في أحسن دوره كأحد أهله. ولم يزل جورجيوس يتلطّف له في تدبيره حتّى برئ وفرح ، وأمر خادمه سالماً
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٨٥.
(٢) نقل ابن أبي اصيبعة عن السُريانية : أن لفظ بخت تعني العبد ، وعندي أن البخت لفظة فارسية تعني الحظ والسعد. تاريخ مختصر الدول : ١٣٠ ، بالحاشية ٢.