أن يحمل إليه ثلاثة آلاف دينار وثلاثاً من الجواري الروميات الحسان! فردهنّ فسأله المنصور : لماذا؟ قال : نحن معاشر النصارى لا يجوز لنا أن نتزوّج بأكثر من امرأة واحدة ، فمادامت المرأة حيّة لا نأخذ غيرها!
وفي سنة (١٥٢ ه) مرض جورجيوس فاستأذن المنصورَ للانصراف إلى أهله وولده وليموت فيهم. فقال له المنصور : يا حكيم! إتق الله وأسلم وأنا أضمن لك الجنة! فقال جورج : قد رضيت بحيث آبائي ، سواء في الجنة أو في النار! ثمّ خلّف لديه تلميذه عيسى بن شهلاثا وشهد له بالمهارة. فأمر المنصور لجورج بعشرة آلاف دينار وخادم وأذن له بالعودة ، واتّخذ تلميذه عيسى طبيباً خاصاً.
فأخذ عيسى بأذية المطارنة والأساقفة ومطالبتهم بالرشاوى ، حتّى سافر مع المنصور إلى نصيبين ، فكتب عيسى إلى مطرانها قوفريان والتمس منه أن ينفذ إليه من آلات البيعة هناك أُموراً جليلة ثمينة لها قدر ، وتوعّده وهدّده إن منعه ذلك وكتب إليه : ألست تعلم أن أمر الخليفة في يدي إن أردتُ شفيته وإن أردتُ أمرضتُه! فتوصل المطران بكتابه إلى الربيع الحاجب وشرح له وأقرأه كتابه! وأوصله الربيع إلى الخليفة وأوقفه على الأمر ، فأمر المنصور بمصادرة أمواله وتأديبه ونفيه ، ففُعل به ذلك ، ثمّ نفي أقبح نفي (١).
وفي خبر الحلبي أن بخت يشوع عجز عن علاج مغَص الخليفة ، وأراد أن يريه مهارته فأخذ ماءً وصبّ عليه دواء فعقده جليداً ثمّ صبّ عليه دواء فأذابه فقال للخليفة : هذا طبّي إلّاأني عجزت عنك ، اللهم إلّاأن يكون رجل مستجاب الدعوة ذو منزلة عند الله يدعو لك. فقال الخليفة : عليَّ بموسى بن جعفر عليهالسلام فلمّا أتوه به سمع أنين الخليفة قبل أن يصل إليه فدعا له وزال المغص عنه.
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول : ١٢٤ ـ ١٢٥.