سليمان يستفتي أبا حازم :
قال ابن قتيبة : حجّ سليمان ومعه محمّد بن شهاب الزُهْري ، ودخل المدينة زائراً لقبر رسول الله! فأقام بها ثلاثة أيّام ، وسأل : أمّا هاهنا رجل ممّن أدرك أصحاب رسول الله؟ فقيل : بلى هاهنا رجل يقال له أبو حازم ، فبعث إليه فجاءه وهو أقور أعرج وله عصا ، فدخل ووقف منتظراً للإذن وطال فطرح عصاه وجلس ... وطال المقال بينهما إلى أن قال له سليمان : يا أبا حازم ، مسألة : ما تقول فيها؟ قال : إن كان عندي علم أخبرتك به وإلّا فهذا الذي عن يسارك (الزُهْري) يزعم أنّه ليس شيء يُسأل عنه إلّاوعنده به علم! فقال سليمان : ما تقول في سلام الإمام من صلاته أواحدة أم اثنتان؟ فإن العلماء لدينا قد اختلفوا في ذلك علينا أشد الاختلاف! قال : أرميك في هذا بخبر شاف! ثمّ روى عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه أنّه شهد رسول الله يسلّم عن يمينه حتّى يُرى بياض خدّه الأيمن يجهر به ، ثمّ عن يساره كذلك!
فقال له الزهري : أيّها الرجل! اعلم ما تحدّث به ، فإنّ الحديث عن رسول الله صعب شديد إلّابالتثبّت واليقين! ثمّ التفت الزهري إلى سليمان وقال له : أصلحك الله ما سمعت بهذا الحديث من حديث رسول الله قطّ! فقال له أبو حازم : هذا من الثلث الذي لم يبلغك وبقي عليك سماعه! ثمّ قام (١).
وصار سليمان إلى الحجّ وعاد منه إلى بيت المقدس فنفى عنها المجذومين (٢).
وكان الحجّاج لما عزل يزيد بن المهلّب الأزدي عن خراسان وولّاها قتيبة بن مسلم الباهلي وأمره أن يستوثق بني المهلّب ويشخصهم إليه ، فأشخص إليه
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١١٠ ـ ١١٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩.