قتيبة ولد المهلّب حبسهم جميعاً وطالبهم بستّة آلاف ألف (مليون) درهم ، وعذّبهم في ذلك أشدّ العذاب ، ثمّ فرّوا من حبسه إلى الوليد بالشام ، فكأ نّه ساعدهم في ذلك خليفة الحجّاج يزيد بن أبي مسلم.
فلمّا مات الحجّاج واستخلفه هذا وولّى سليمان استقدم هذا وكان قصيراً خفيف البدن دميم الخلقة ، فاستصغره واستحقره. وكان سليمان قد قرّب إليه يزيد بن المهلّب الأزدي فقال له : خذه إليك فعذّبه بألوان العذاب حتّى تستخرج منه الأموال. وكان ابن المهلّب يعرف له جميل فعله به فقام وقال : يا أمير المؤمنين أنا أعلم به ، ما كان هذا ممّن يحوي المال. فتركه.
وكان قد اجتمع عنده خالد القسري وابن حيّان المرّي ، وسخط سليمان كذلك على موسى بن نُصير اللخمي عامل إفريقية وفاتح الأندلس وما والاها فأخذه سليمان بمئة ألف دينار وعزله ، واجتمع معهم عند سليمان الحكم بن أيوب ويوسف بن عمر الثقفي ، فدفعهم وأصحابهم إلى ابن المهلّب وأصحابه وأمره أن يعذّبهم حتّى يستخرج منهم أموالهم. ثمّ أعاده سليمان على العراق وخراسان!
فصار ابن المهلّب إلى العراق وعزل عمّال الحجّاج وعذّبهم ، ثمّ استخلف على العراق ونفذ إلى خراسان ، فتتبّع أصحاب قتيبة الباهلي وقراباته وسامهم سوء العذاب يطالبهم بالأموال التي صارت إليهم. وخالفه أهل جرجان فحاصرهم حتّى نزلوا على حكمه فقتل منهم مقتلة عظيمة (١)!
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٩٤ ـ ٢٩٦. وفي تاريخ خليفة : لم تكن جرجان يومئذ مدينة وإنّما هي جبال محيطة ، وفي البحر جزيرة تحوّل إليها صول ملك جرجان ، وكان ابن المهلّب في ثلاثين ألفاً ، فحاصر صولاً ، فكان صول يخرج في الأيّام فيقاتلهم شهوراً حتّى صالحهم يزيد على خمس مئة ألف درهم يؤدونها كلّ عام ، وبعثوا إليه بألف رأس (؟) وطيالسة وثياب ، وخلّف عليهم يزيد جمعاً من المسلمين وتركهم.