وقال فيه ابن العبري الملطي : إنّه منع الكتّاب النصارى من كتابة الدفاتر بالروميّة ، ولكن بالعربية وكان صاحب بناء واتّخاذ للضياع والمصانع ، وجعل لكلّ ضرير قائداً ولكلّ مقعد خادماً وأعطى المجذومين ومنعهم من السؤال والتكدّي من الناس. ومع ذلك كان يمرّ بالبقّال فيقف عليه يأخذ منه حزمة بقل ويقول له : بكم هذا؟ فيقول : بفَلس. فيقول : زد عليها! وكان لحّاناً (١).
وقال المعتزلي : روى أهل السيرة : أنّ الوليد ذكر عليّاً عليهالسلام فقال : لعنهِ الله (بكسر الهاء) كان لِصّ ابن لِصّ! فعجب الناس وقالوا : ما ندري أيّهما أعجب : لحنه فيما لا يلحن فيه أحدٌ أو نسبته عليّاً إلى اللصوصيّة (٢)!
أيّام سليمان بن عبد الملك :
كان سليمان بن عبد الملك أخو الوليد بالرملة من فلسطين ، وأنشأ بها قصره والمسجد الجامع ، وكان نزول الناس في بلد اللُدّ فأمرهم بالبناء معه بالرملة وانتقالهم إليها ، ومن امتنع من ذلك قطع الميرة عنهم ، بل أخذ بهدم منازلهم حتّى انتقلوا ، وخرّب بلد اللُدّ!
وكان بها يوم مات أخوه الوليد بدير مُرّان ، وحُمل إلى دمشق وصلّى عليه ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن عبد الملك ودفنه ثمّ أخذ البيعة لسليمان ، فصار سليمان إلى دمشق.
وكان بمكّة في أصل جبل ثبير ثقبة ينبع منها ماء عذب ، وعلم سليمان بذلك فكتب إلى عامل مكّة خالد بن عبد الله القسري يأمره أن يجري له عيناً من الثقبة حتّى تظهر بين زمزم والركن الأسود يباهي بها زمزم! وهو يريد الحجّ بعدها.
__________________
(١) مختصر تاريخ الدول : ١١٣.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ٤ : ٥٨.