ابن أعيَن يلاحق أبا السرايا :
قالوا : لما خرج ابن أعيَن لأبي السرايا عسكر في شرقيّ نهر صَرصر .. فلمّا صار أبو السرايا في رحب قصر ابن هُبيرة ، صار هرثمة إليه فلحقه هناك فقاتله قتالاً شديداً فهُزم أبو السرايا فمضى حتّى نزل الجازيّة فتبعه هرثمة وكسر الفرات فصبّه في الآجام والغيظان في شرقي الكوفة فقطع الفرات عن الجازية ، ثمّ نهد هرثمة من نحو الرصافة إلى الكوفة.
وخرج إليه أبو السرايا فعبّأ له أصحابه ، على الميمنة الحسن بن هُذيل ، وللميسرة جُرير بن الحصين ، وهو في القلب فحمل حملة في من معه فانهزم أصحاب هرثمة حتّى عبروا الفرات ، فعاد أبو السرايا بهم إلى الكوفة. وأخبره جاسوسه أنّ هرثمة يريد حربه في تاسع ذي القعدة فخرج فيه إلى نحو الرصافة تحت القنطرة وعبّأهم ولم يبعد حتّى أقبلت خيل هرثمة فاقتتلوا قتالاً شديداً ، وقُتل الحسن بن الحسين بن زيد بن علي ، وقُتل غلام أبي السرايا : أبو كُتلة ، وكشف أبو السرايا رأسه وجعل يحرّضهم ثمّ حمل فخرج إليه قائد من قوّادهم فتناوشا حتّى ضربه أبو السرايا فقدّ بيضته إلى سرج فرسه ، فانهزمت المسوّدة (العباسيّة) هزيمة قبيحة ، وتبعهم أهل الكوفة حتّى بلغوا قرية تُدعى صعنب ، فنادى أبو السرايا : يا أهل الكوفة ، احذروا كرّهم بعد الفرّة فإن «العجم» قوم دُهاة!
وكان هرثمة قد خلّف من عسكره خمسة آلاف عليهم عبيد الله بن الوضّاح ، فناداهم : يا «أهل خراسان» وحثّهم وحمل بهم على أهل الكوفة فقتل منهم مقتلة عظيمة. وكان عبد سندي أسود قد أسر هرثمة فوجدوه فقتلوا العبد وحلّوا وثاق هرثمة وعاد إلى معسكره. وتكررت الوقائع في كل يوم أو يومين (١).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٦١ ـ ٣٦٣ عن نصر بن مزاحم وغيره.