وفعل! فإنه عرّض هذه الدولة للذهاب وأفسد ما صلح منها! نوطئ نحن الخلافة ونمهّد لهم أكنافها ، ثمّ يستبدّون بالأُمور ويستأثرون بالتدبير علينا! فإذا انفتق عليهم فتق بسوء تدبيرهم وإضاعتهم الأُمور أرادوا أن يصلحوه بنا! ثمّ أمر فضربوا الطبول وانكفؤوا بالخيول حتّى صار إلى النهروان قُبيل بغداد. وكان أولياء العباسيين وقوّاد أهل بغداد تواعدوا لاستقباله ، فاستقبلوه إلى النهروان وترجّلوا ودعوا له ، فدخل بغداد في جمع عظيم ودخل منزله.
وأمر الحسن فنقلوا إليه دواوين الجيوش ليختار منهم ، وأطلق له بيوت الأموال! وجعل معسكره في الياسرية ، فصار في نحو ثلاثين ألف ما بين فارس وراجل ، ثمّ نادى بالرحيل إلى الكوفة.
وكان على المدائن الحسين بن علي أبو البط عامل بغداد ، فعقد لها أبو السرايا لمحمد بن إسماعيل بن الأرقط من أحفاد علي بن الحسين عليهالسلام ومعه العباس الطبطبي والمسيّب في جمع عظيم ، وبلغ خبرهم إلى أبي البط فخرج بجمعه إليهم فالتقوا في ساباط المدائن واقتتلوا قتالاً شديداً ، حتّى هُزم أبو البط واستولى محمّد بن إسماعيل الحسيني على المدائن (١).
فوجّه الحسن بن سهل : عليّ بن أبي سعيد وحمّاد التركي بجمع معهم إلى المدائن ، فقاتلوا محمّد بن إسماعيل الحسيني فهزموه واستردّوا المدائن. وكأن الخبر بلغ إلى أبي السرايا فمضى من فوره ليلاً يريد المدائن ، فوجد المسوِّدة (العباسية) قد استولوا عليها ووجد أصحابه قد اخرجوا منها ، وكانت بينهم مناوشة ومعه غلامه أبو الهرماس فأصابه حجر عرّادة فقُتل ، فدفنه بها وعاد نحو قصر ابن هبيرة (٢).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ عن نصر بن مزاحم وغيره.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٦١.