وقال اليعقوبي العباسي : كان الذي يحرّضه علي بن عيسى بن ماهان والفضل بن الربيع ، وزيّنا له أن يخلع المأمون ويبايع لابنه بولاية العهد من بعده ، ففعل ذلك وبايع لابنه موسى وذلك لثلاث خلون من شهر ربيع الآخر سنة (١٩٤ ه) ، وجمع العهود التي كان كتبها الرشيد بينهما فأحرقها. ومع ذلك كتب إلى المأمون يأمره بالقدوم عليه مع جميع قوّاده! فكتب إليه يعلمه أن لا سمع له في هذا ولا طاعة. فكتب بذلك إلى القواد بخراسان ، فكتبوا إليه : إنّما يلزمنا الوفاء لك ما وفيت لأخيك ، وقد نقضت العهود وأحدثت الأحداث واستخففت بالأيمان والمواثيق (١).
الأمين وطلب الخِصيان :
ذكر الطبري قال : لما ملك محمّد الأمين طلب الخصيان وابتاعهم وغالى فيهم ، وصيّرهم لخلوته في ليله ونهاره ، وقوّام طعامه وشرابه وأمره ونهيه ، وسمّاهم «الجرادية» وفرض لهم رواتب ، وجمعاً من الأحباش وسماهم «الغرابية» ورفض النساء الحرائر والإماء. ووجّه إلى جميع البلدان في طلب المُلهين ، وضمّهم إليه وأجرى لهم الأرزاق. وقسّم ما في بيوت أمواله وما يحضره من الجواهر بين جلسائه ومحدّثيه وخصيانه. وأمر ببناء مجالس لمتنزّهاته ومواضع خلوته ولهوه ولعبه بقصور الخلد والمعلّى وعبدويه وبستان موسى والخيزرانية ورقّة وكلواذه وباب الأنبار وبناوري والهوب. ونافس في ابتياع الدواب الفارهة والطيور والوحوش والسباع! واحتجب عن إخوته وأهل بيته وقوّاده ، واستخفّ بهم.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٣٦.