نقل ذلك الأموي الزيدي وزاد : أنّ الحسين الحسني لما وصل إلى قصر المهدي على الجمل واستأذن ، قال المهدي للآذن : ويلك أدخله على جمله! فأدخله حتّى أناخه في وسط الدار ، فوثب المهدي إليه فسلّم عليه وعانقه وأجلسه إلى جنبه وأخذ يسائله عن أهله حتّى قال له : يابن عم ما جاء بك؟ قال : ما جئت وورائي أحد يعطيني درهماً! قال : أفلا كتبت إلينا! قال : أحببت أن احدث بك عهداً!
فدعا له المهدي بعشرة بُدر دنانير وعشرة بُدر دراهم وعشرة تخوت ثياب فدفعها إليه ، وخرج بها.
حتّى طرحها بداره ببغداد ، وجاء غرماؤه ، فلم يزل يعطيهم حتّى لم يبقَ من ذلك المال إلّاشيء يسير. ثمّ انحدر إلى الكوفة فنزل في «خان» بقصر ابن هبيرة ، وعرفه صاحب «الخان» فشوى له سمكاً وحمله إليه مع خبز «رقاق» فأعطاه بقية ما معه (١) وكانت أربعين ألف دينار ففرقها بين بغداد والكوفة! وخرج منها بفروة ليس تحتها قميص عليه (٢).
أيام موسى الهادي العباسي :
خلّف محمّد المهدي العباسي من الولد الذكور ثمانية : موسى وهارون ، وعلياً وعُبيد الله ، وإسحاق ويعقوب وإبراهيم ومنصوراً (٣) وكان قد أخذ البيعة بولاية عهده لابنه موسى ولقّبه بالهادي ، ثمّ لهارون ولقّبه بالرشيد. وكان المهدي قد أرسل موسى في عسكر جرجان ، وكان هارون معه حين هلاكه ،
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٤٣٩ ـ ٤٤٠ ، ط. صقر.
(٢) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٩٤.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٢.