فأخذ هارون البيعة لأخيه موسى وأرسل بها إليه مع وصيفهم نصير ، فبلغه ذلك بعد وفاة أبيه بثمانية أيام.
وكان المهدي قد بنى قرب بغداد بقرية يقال لها : عيسى آباد (معمورة عيسى) فارتحل موسى من جرجان بعد ثلاثة أيام إلى العراق حتّى نزل في عيسى آباد واتّخذها منزلاً واستتم بناءها.
ثمّ قطع ما كان يجريه المهدي للطالبيين من الاعطية والأرزاق ، بل كتب إلى الآفاق بطلبهم وحملهم إليه ، بل ألحّ في طلبهم حتّى أخافهم خوفاً شديداً .. فلمّا كثر من يطلبهم واشتدّ خوفهم تحرك جمع منهم إلى ملوك النواحي فقبلوهم ووعدوهم النصر والمعونة.
وكانت خراسان ساكنة هادئة الامور والملوك في الطاعة ، ولكن الهادي ولّى عليهم خاله الغطريف بن عطاء فظهرت منه امور قبيحة وضعف شديد فاضطربت البلاد (١).
واضطربت اليمن عليه .. ولم تزل مضطربة على عهد موسى الهادي كلّه.
وكان أهل الجوف من مصر قتلوا عاملهم موسى بن مصعب ، فولّى عليهم الفضل بن صالح ، فكفّ عن طلبهم ولم يُهج أحداً فسكّنهم. ثمّ خرج عليه بناحية أهناس من قرى صعيد مصر دحية بن الأصبغ في خلق كثير فقطع الطرق وأخاف السبل وتغلّب على الخراج ، فوجّه الفضل إليه عبد الله بن علي المرادي وسفيان فلقيا دحية في صحراء بُويط وناوشاه الحرب فانهزم دحية وأخذه أسيراً إلى الفضل ، فقتله وصلبه وأرسل برأسه إلى موسى (٢).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٥.