مصر! فبلغ ذلك سليمان فندم على ما كان من قوله وأرسل إليه رجلاً يقول له : لا تعاتب أمير المؤمنين على قوله ولا تذكر له هذا. فترك عمر الخروج ولكنّه أقلّ الاختلاف إلى سليمان (١).
وقد مرّ الخبر عن السيوطي عن الإصفهاني : أنّ الوليد كان قد عزم على خلع أخيه سليمان من عهد أبيه ، فأبى عمر بن عبد العزيز وصمّم على ذلك فطيّن عليه الوليد يريد موته ، فعرفها له سليمان (٢) واحتمله واستوزره ثمّ عهد إليه لذلك.
ولا نجد تفصيل عهد سليمان إلّاعند ابن قتيبة ، ونجد فيه القول بالقدر بمعنى الجبر قال فيه : وإنّ المقادير كلّها خيرها وشرّها من الله ، وإنّه هو الهادي وهو الفاتن ، لم يستطع أحد مَن خلقه الله لرحمته غواية ، ولا لمن خلقه لعذابه! هداية ... وإنّ سليمان كانت له بلايا وسيّئات لم يكن له عنها محيص! ولا دونها مقصر! بالقدر السابق والعلم النافذ في محكم الوحي (٣)! أجل ، فلمّاذا يعتذر من بلاياه وسيّئاته ولمن؟!
واستخلف عمر بن عبد العزيز :
في قرية حُلوان بمصر ، من ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ، وُلد لعبد العزيز بن مروان والي مصر ولد سمّاه باسم جدّه لُامه عمر ، حُفّظ القرآن وهو صغير ، وشجّته دابّة في جبهته وهو غلام فأصبح أشجّ بني مروان. وبعثه أبوه
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١١٠.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ عن حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني.
(٣) الإمامة والسياسة ٢ : ١١٢ ـ ١١٥.