وأعقب هشاماً ابن أخيه الوليد :
كان يزيد بن عبد الملك قد عقد ولاية العهد لأخيه هشام ثمّ لابنه الوليد ، وظهر من الوليد استخفاف بالدين وتهاون به وشرب الشراب والمجون ، فبدأ هشام يعتبه وينتقصه ويقصّر به ويتنكّر له (١).
وكانت الملاحاة لا تزال تجري بينه وبين هشام ، حتّى دخل الوليد يوماً على هشام فلم يجده في مجلسه ، ثمّ خرج هشام فلم يقم له الوليد ، فقال له هشام : كيف أنت يا وليد؟ قال : صالح! قال : ما فعلت طنابيرك وما فعل جلساؤك جلساء السوء؟! قال : إن كانوا شرّاً من جلسائك فعليهم لعنة الله! فغضب هشام وقال للغلام : أقيموه! فأخذوا بيده وأقاموه من مجلسه (٢).
فكان الوليد يقول لأصحابه : إنّ أبي قدّم هذا العمّ المشؤوم على أهل بيته فصيّره وليّ عهده ، ثمّ هو يصنع بي ما ترون ، لا يعلم أنّ لي في أحد هوى إلّاعبث به. ثمّ خرج بهم ومعه ناس من خاصّته ومواليه إلى قرية في بريّة الشام تسمّى الأزرق ، فلم يزل مقيماً بها حتّى مات هشام (٣).
في يوم الأربعاء التاسع من شهر ربيع الأول سنة (١٢٥ ه) وله ثلاث وخمسون سنة ، وكان بخيلاً حسوداً فظّاً غليظاً ، شديد القسوة ، بعيد الرحمة ، طويل اللسان (٤).
وقال المسعودي : توفي في الرُّصافة من أرض قنّسرين بالبرّ وكان أحول خشناً فظّاً غليظاً (٥) وكان أبيض إلى الصفرة ، وأحول شديد الحوَل ، خشن الجانب ،
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول لابن العربي : ١١٧.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٧.
(٣) مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١١٧.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٨.
(٥) مروج الذهب ٣ : ٢٠٥.