كسوة الكعبة ثمّ كساها الثوبين الرقيقين من القزّ الذَين بعث بهما أبو السرايا ، وأمر بالكسوة السابقة فقُسّمت بين العلويين من أصحابه وأتباعهم على قدر منازلهم عنده ، ثمّ عمد إلى ما في خزانة الكعبة من مال فأخذه. ثمّ لم يسمع بوديعة لأحد من ولد العباس عند أحد إلّاهجم عليه في داره ، فإن وجد شيئاً أخذه وإلّا حوّله على رجل معه من أهل الكوفة يدعى محمّد بن مَسلمة أنزله في دار خالصة عند الحنّاطين ، فيحبسه ويعذّبه حتّى يفتدي نفسه بما يقدر عليه ، ويقر بمحضر الشهود أنّ ذلك «للمسودّة» من بني العباس وأتباعهم ، وحتّى عمّ ذلك خلقاً كثيراً ، فسمي ذلك الدار «دار العذاب» وخاف الناس فهرب منهم خلق كثير من أهل النعم ، فتعقّبوهم بهدم دورهم (١)!
محمّد بن جعفر بعد محمّد بن محمّد :
شاطر بعض أبناء الصادق عليهالسلام في تفريق شيعة أبيه بعده ، منهم محمّد بن جعفر أخو موسى عليهالسلام من أُم واحدة هي حميدة. دخل ذات يوم على أبيه وهو صبي صغير فاشتدّ يعدو نحوه فعثر بقميصه وسقط لوجهه ، فقام الإمام وحمله وقبّل وجهه ومسح التراب عنه بثوبه وضمه إلى صدره وقال : قال لي أبي محمّد بن علي : «يا جعفر إذا ولد لك ولد يُشبهني فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي فهو شبيهي وشبيه رسول الله وعلى سنّته» وكان يحيى بن أبي السمط حاضراً فاكتفى بهذا كأ نّه نصّ في إمامة محمّد بن جعفر ، فقال بعده بإمامته ، وتبعه بعض شيعة أبيه فقيل لهم «السمطية» نسبة إلى ابن أبي السمط يحيى (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٥٣٦ ـ ٥٣٧.
(٢) فرق الشيعة : ٧٦ ، وعنه في المقالات والفرق : ٨٦.