هذا وقد قال فيه المفيد : إنّه كان يرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف (١) فلعلّه إنّما رأى رأيهم في هذا فقط ، وإلّا فهو قد وافق قول ابن أبي السمط بإمامته ، بل ترجّى أن يكون هو القائم المهديّ! فقد نقل الزيدي الأموي : أنّه أصاب إحدى عينيه شيء فأثّر فيها فسرّ بذلك وقال : إنّي لأرجو أن أكون القائم المهدي! فقد بلغني أنّ في إحدى عينيه شيئاً! وأ نّه يدخل في هذا الأمر وهو له كاره (٢)! وهو يعني بهذا نفسه يدعى أنّه لم يدخل في دعوى الحكم والدولة بل وإمرة المؤمنين إلّا كارهاً لها!
فإنّه لمّا بلغ الأفطس هزيمة هرثمة لأبي السرايا وفراره من الكوفة والبصرة ، وطرْد من بهما من العلويين والطالبيين ، وعودة الولاية بها للعباسيين ، اجتمع هو وأهله على محمّد بن جعفر فقالوا له : أبرز شخصك نبايع لك بالخلافة ، فإنك إن فعلت ذلك لم يختلفوا عليك! فأبى ، ووافقهم ابنه علي بن محمّد فلم يزل هو والأفطس على محمّد بن جعفر حتّى غلباه على رأيه (٣).
وخالفه الإصفهاني فلم يذكر ذلك ، بل روى عن ابن عقدة الزيدي بسنده : أنهم جاؤوه على كتاب بسبّ جميع «أهل البيت» بما فيهم فاطمة ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقرؤوه عليه ، فقام ودخل بيته فخرج عليهم وقد تقلّد سيفه ولبس درعه وهو يتمثل يقول :
لم أكن من جُناتها ، علم الله |
|
وإني بحرّها اليوم صالي |
وبايعه الطالبيون بإمرة المؤمنين : الحسين بن الحسن الأفطس ، ومحمّد بن
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢١١.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٥٩ وانفرد بهذه الدعوى المرفوعة خلافاً للمرويات فيه (عج).
(٣) تاريخ الطبري ٨ : ٥٣٧.