وفاة أبي بكر بن عياش :
قال المسعودي : في سنة (١٩٣ ه) توفي أبو بكر بن عياش الكوفي الأسدي (مولاهم) بعد موت الرشيد بقليل (١) ملك موسى الهادي العباسي فولّى الكوفة موسى بن عيسى العباسي (٢) وكان عنده عبد الله بن مصعب بن الزبير ، ودخل عليه ابن عياش المقرئ الحنّاط فدعا له بمتّكأ وأدناه ، ولم يعرفه الزبيري فسأل موسى العباسي : من هو؟ قال : هذا فقيه الفقهاء ورأس هذا البلد! فقال الزبيري : إنّه لا كثير ولا طيب ، فلا يستحق كل ما فعلته به! فغضب العباسي وقال للزبيري : اسكت ، فبأبيك (جدك) غُدر ببيعتنا (بيعة علي عليهالسلام) وبقوله الزور اخرجت امّنا (عائشة) وبابنه (عبد الله) هُدمت كعبتنا! وأحرى أن يخرج بك الدجّال فينا (٣)!
ثمّ لمّا مات موسى الهادي العباسي وملك الرشيد أرسل موسى بن عيسى إلى مصر وولّى الكوفة ابنه العباس بن موسى ، ونوح بن درّاج تلك الأيام على قضائها ، وقضى بكل الإرث للبنت ولم يورّث عمّها بالتعصيب ، ودخل أبو بكر بن عياش على العباس العباسي فقال له : يا أبا بكر ، أما ترى ما أحدث نوح في القضاء؟! إنّه طرح العصبة.
فقال ابن عياش : وما عسى أن أقول لرجل قضى بالكتاب والسنة؟! وكان العباس مستنداً فجلس مستوياً وقال متعجباً : وكيف قضى بالكتاب والسنة؟! فروى ابن عياش له أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لما قُتل حمزة بعث علياً فأتاه بابنة حمزة فسوّغها الميراث كلّه (٤).
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٣٨٩.
(٢) تاريخ خليفة : ٢٩٤.
(٣) تاريخ بغداد ١٤ : ٣٧٥ ـ ٣٧٧.
(٤) التهذيب ٦ : ٣١٠ ـ ٣١١ وقد مرّ الخبر في نوح بن درّاج.