وكانت أُمه زبيدة في أيام الرشيد قد تقدّمت بحفر عين المُشاش فأرادت عمرة رمضان لذلك. وأمدّها ابنها الأمين بعشرين ألف مثقال ذهباً! فجُعلت صفائح لباب الكعبة وعتبتها ، وبَنت زبيدة المصانع وجعلت الحياض والسقايات. وأظهر الأمين إرادة الحج فصرفه الفضل بن الربيع.
وكان عبد الملك صالح العباسي والياً على الجزيرة وجند قنّسرين والعواصم وثغور الروم في عهد الرشيد ، وغضب عليه الرشيد فعزله وصادر أمواله وحبسه وابنه عبد الرحمن وكاتبه قُمامة ، فأخرجهم الأمين ، وردّ عليه أمواله وضياعه ، وولّاه كل ما كان إليه. وغضب الرشيد على علي بن عيسى بن ماهان من قوّاده فصادر أمواله وحبسه ، فأخرجه الأمين وردّ عليه أمواله وولّاه شرطته.
وكان قد غلب على ناحية جرزان من أرمينية إسماعيل بن شعيب مولى محمّد بن مروان الأموي ، وبناحية أُخرى يحيى بن سعيد ، فولّاها الأمين أسد بن يزيد الشيباني فاحتال عليهما حتّى أخذهما.
وكان رافع بن الليث على سمرقند على عهد الرشيد فعصى واستمال أهل الشاش وفرغانة وخُجندة وأشروسنة وبخارى وخوارزم وخُتّل وصغانيان وسائر كور بلخ والسغد وطخارستان وماوراء النهر والترك والمتغزغز إلى ثغور التبّت! وتحصّن بسمرقند ، وكان الرشيد قد وجّه إليه قائده هرثمة بن أعيَن في جيش ، فلم يزل هرثمة محارباً له وقتل جمعاً منهم وأخذ بأكظامهم حتّى ضرع رافع إلى الأمان فآمنه ، فخرج إليه بولده وأهل بيته وأمواله في المحرم سنة (١٩٤ ه) ، فكتب هرثمة بذلك إلى المأمون وكتب المأمون بذلك إلى الأمين (١).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٣٤ ـ ٤٣٦.