قتل المنصور لأبي مسلم :
كان المنصور حين قتال أبي مسلم لعبد الله بن علي العباسي عمّ المنصور ، قد انتقل من الأنبار إلى رومية المدائن ، ولما غضب أبو مسلم على المنصور لطلب إحصائه أموال عبد الله ، لم يرجع إلى المنصور مع مروره بقرب المدائن بينه وبينه فرسخان (١١ كم تقريباً) فلم يلقه ونفذ لوجهه وجازه إلى حُلوان يريد خراسان ، فطلب المنصور من عيسى بن موسى العباسي أن يلحق أبا مسلم فيترضّاه للقاء المنصور (١).
وقال الدينوري : قدم المنصور من الأنبار إلى المدائن ، وخرج أبو مسلم إلى خراسان مجابناً له ، فكتب إليه المنصور : قد اردت مذاكرتك في أُمور لا تحملها الكتب! فأقبِل فإنّ مقامك عندنا قليل! فلم يلتفت أبو مسلم إلى كتابه.
فبعث المنصور إليه جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي ، وكان أبو مسلم يعرفه ، فقال له : أيها الأمير ، ضربتَ الناس لأهل هذا البيت ، ثمّ تنصرف على مثل هذه الحال ، إن الأمر عند أمير المؤمنين لم يبلغ ما تكره ، ولا أرى أن تنصرف على هذه الحال.
قال : وذكروا : أن جريراً لم يزل بأبي مسلم حتّى أقبل به راجعاً. وكان المنصور يومئذ برومية المدائن ، فأمر الناس أن يتلقّوه. وأذن له فدخل على دابته فرحّب به وعانقه وأجلسه على سريره وقال له : كدت أن تخرج ولم أُفضِ إليك بما اريد!
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٦. وقال خليفة : بعث المنصور خلف أبي مسلم : سلمة بن سعيد وكان أبو مسلم زوج خالته ، فلحقه قبل وصوله إلى الريّ! فسأله الرجوع إلى المنصور فقدم معه.