السفّاح في العراق ورسل الخلّال في الحجاز :
قال المسعودي : قدم أبو العباس الكوفة في أهل بيته سرّاً ، والمسودّة في الكوفة مع أبي سلمة ، فأنزلهم جميعاً دار الوليد بن سعد في بني أود حيّ من اليمن (من حزب آل مروان ومواليهم!) وأخفى أبو سلمة أمر أبي العباس ومن معه ووكّل عليهم وكيلاً.
هذا وقد خاف انتقاض الأمر وفساده عليه ، فدعا محمّد بن عبد الرحمن بن أسلم (مولى النبيّ) وكتب كتاباً واحداً في نسختين ، إلى أبي عبد الله جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وإلى أبي محمّد عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، يدعو كل واحد منهما إلى الشخوص إليه (إلى الكوفة) ليصرف الدعوة إليه ويجتهد في بيعة أهل خراسان له! وقال له : العَجل العَجل! (وأوصاه بالصادق مقدماً ثمّ عبد الله المحض).
فقدم محمّد بن عبد الرحمن المدينة فدخل على الصادق عليهالسلام ليلاً ودفع كتابه إليه فقال له : وما أنا وأبو سلمة؟! وأبو سلمة «شيعة» لغيري! فقال : تقرأ كتابه وتجيبه بما رأيت. فدعا أبو عبد الله بسراج ثمّ أخذ كتاب أبي سلمة فوضعه على السراج حتّى احترق وقال للرسول : عرّف صاحبك بما رأيت! ثمّ تمثّل بقول الكميت بن زيد الأسدي :
أيا موقداً ناراً لغيرك ضوءها |
|
ويا حاطباً في حبل غيرك تحطب! |
فخرج الرسول من عنده إلى عبد الله بن الحسن ، فدفع كتابه إليه ، فقبله ولما قرأه ابتهج به (ووعده خيراً).
وفي غد ذلك اليوم ركب عبد الله حماره إلى منزل أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق ، فقال له : يا أبا محمّد أمر ما أتى بك! قال : نعم ، وهو أجلّ من أن يوصف! فقال : وما هو يا أبا محمّد؟ قال : هذا كتاب أبي سلمة يدعوني إلى ما أقبله ، وقد قدمْت عليه «شيعتنا» من أهل خراسان!