فقال له أبو عبد الله : يا أبا محمّد ، ومتى كان أهل خراسان «شيعة» لك؟! أأنت بعثت أبا مسلم إلى خراسان؟! وأنت أمرته بلبس السواد؟! وهؤلاء الذين قدموا العراق أنت كنت سبب قدومهم أو وجّهت فيهم؟! وهل تعرف منهم أحداً؟! (فيُعلم أنهم كانوا قد قدموا العراق).
فنازعه عبد الله بن الحسن الكلام إلى أن قال : إنّما يريد القوم ابني محمّداً لأنه «مهديّ» هذه الأُمة.
فقال أبو عبد الله جعفر : والله ما هو «مهديّ» هذه الأُمة ، ولئن شهر سيفه ليقتلن!
فنازعه عبد الله القول حتّى قال له : والله ما يمنعك من ذلك إلّاالحسد!
فقال أبو عبد الله : والله ما هذا إلّانصح منّي لك ، ولقد كتب إليّ أبو سلمة بمثل ما كتب به إليك فلم يجد رسولُه عندي ما وجد عندك ، ولقد أحرقتُ كتابه من قبل أن أقرأه!
فانصرف عبد الله من عند الصادق عليهالسلام مغضباً.
ولم ينصرف رسول أبي سلمة إليه إلّابعد أن بويع السفّاح بالخلافة (١).
وقال الحلبي : قرأت في بعض التواريخ : لمّا أتى كتاب أبي سلمة الخلّال إلى الصادق عليهالسلام بالليل قرأه ثمّ وضعه على المصباح فأحرقه ، وظن الرسول أنّ حرقه له تغطية وستر وصيانة للأمر ، ولم يجد جواباً فقال : هل من جواب؟ فقال : الجواب ما قد رأيت!
وبلغ ذلك شاعره أبا هريرة الأبّار فقال شعراً :
ولمّا دعا الداعون مولاي لم يكن |
|
ليثني عليه عزمَه بصواب |
ولمّا دعوه بالكتاب أجابهم |
|
بحرق الكتاب دون ردّ جواب |
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤.