ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره. فما رأيته ضاحكاً ولا مسروراً حتّى وافينا الكوفة. فبتّ ليلتي فلما أصبحت أتيته إعظاماً له فخرج عليَّ وقد علّق في عنقه كعاباً وركب قصبة ويقول : أجد منصور بن جمهور أميراً غير مأمور (١) فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئاً ولم أقل له ، واجتمع علينا الصبيان والناس وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جُنّ جابر جُنّ جابر!
فوالله ما مضَت الأيام حتّى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلى واليه (خالد بن عبد الله القسري البجلي) : أن انظر رجلاً يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه! فسأل جلساءه عنه فقالوا له : أصلحك الله كان رجلاً له علم وفضل وحديث ، وحجّ فجُنّ ، فهو ذا في الرحبة على القصب يلعب مع الصبيان! فأشرف الوالي عليه فإذا هو كذلك فقال : الحمد لله الذي عافاني من قتله (٢)!
ثمّ عاد بعد هذا إلى رشده ، وسيأتي خبر عنه عن سقوط بني أُمية وقيام العباسيين.
وفاة الإمام الباقر عليهالسلام :
اتفقت روايتا الجهضمي (٢٥٠ ه) والفاريابي (بعد ٣٠٠ ه) في تاريخ
__________________
(١) منصور بن جمهور الكلبي الشامي ، لما ولي الخلافة يزيد بن الوليد الأموي افتعل عنه كتاباً بولايته على العراق فوليها أربعين يوماً ثمّ عُزل فرحل إلى السند وبنى بها مدينة المنصورية منسوبة إليه ، كما في تاريخ خليفة : ٢٤١ ، ولذا كان جابر يقول عنه : أمير غير مأمور! وستأتي أخباره.
(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٩٦ ، الحديث ٧.