وأقبل أبو السرايا لموعده على طريق البر في جريدة من فوارس معه لا راجل فيهم حتّى دخل إلى عين تمر ، ثمّ أخذ على النهرين حتّى وصل إلى نينوى حيث قبر الحسين عليهالسلام وكانت ليلة ذات ريح ورعد ومطر ، فترجّلوا حتّى سلّموا على الحسين عليهالسلام وجعل أبو السرايا يتمثل بأبيات في رثائه والأخذ بثاره. وكان هناك جماعات يزورون الحسين عليهالسلام وفيهم بعض الزيدية ، فناداهم : من كان هاهنا من الزيدية فليقم إليّ! فوثبت إليه جماعات من الناس فدنوا منه ، فخطبهم خطبة طويلة ذكر فيها «أهل البيت» وفضلهم وما خُصوا به ، وذكر فعل الأُمة بهم وظلمهم لهم وقال :
أيها الناس! هبكم لم تحضروا الحسين فتنصروه ، فما يُقعدكم عمّن أدركتموه ولحقتموه؟ وهو غداً «خارج طالب بثأره» وحقّه وتراث آبائه! ولإقامة دين الله! فما يمنعكم من نصرته ومؤازرته؟! إنني خارج في وجهي هذا إلى الكوفة للقيام بأمر الله والذبّ عن دينه والنصر «لأهل بيت نبيّه»! فمن كان له نية في ذلك فليلتحق بي! ثمّ مضى بأصحابه إلى الكوفة (١).
خروج محمّد للقاء أبي السرايا :
في اليوم الذي واعد محمّد بن إبراهيم أبا السرايا للاجتماع به بظهر الكوفة ، أظهر نفسه ، وكان قد تواعد مع أصحابه بالكوفة فانبثّوا مثل الجراد على غير نظام ولا قوة ولا سلاح! إلّاالعصيّ والسكاكين والآجر (الحجر) (٢).
وكان الوالي العباسي على الكوفة الفضل بن العباس بن عيسى العباسي ،
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ عن نصر بن مزاحم.
(٢) المصدر السابق : ٣٤٧.