ثمّ جمع محمّد بن إبراهيم نفراً من أصحابه وشيعته لذلك وخرج بهم إلى الجزيرة (شمال العراق) حتّى قدم على نصر بن شبيب للموعد.
فجمع نصر أهله وعشيرته وعرض عليهم ذلك فأجابه بعضهم وأبى آخرون منهم ، ومنهم ابن عمّه فإنه خلا به وقال له : إن جميع هذا البلد (جزيرة ابن عمر) أعداء لآل أبي طالب! فإن أجابوك طائعين الآن فرّوا عنك غداً منهزمين! وحتّى إن ظفر صاحبك فإن كان غير عدل فما حاجتك إلى تعريض نفسك وأهلك لما لا قوام لهم به ، وإن كان عدلاً كنت عنده بمنزلة الآخرين من أصحابه! وبهذا فترفي نيّته وثناه عن رأيه.
فصار ابن شبث إلى ابن طباطبا وتشبّث عنده باختلاف الناس عليه ورغبتهم عن «أهل البيت» وأ نّه لو كان يظن بهم ذلك ما كان يعده بنصرهم ، وعرض عليه أن يقوّيه بخمسة آلاف دينار! فاستغنى محمّد بالله عنه وعن ماله وانصرف عنه إلى الحجاز (١).
لقاء ابن طباطبا بأبي السرايا :
مرّ الخبر عن أبي السرايا الشيباني : أنّه كان من كيان القائد العباسي هرثمة ، وماطله هرثمة في أرزاق جنوده فتمرّد بهم ، ثمّ أوى إلى ناحية في طريق الحجاز. فلمّا مضى ابن طباطبا راجعاً إلى الحجاز لقى في طريقه أبا السرايا فدعاه إلى نفسه فأجابه وسُرّ بذلك وتواعدا ظهر الكوفة.
فانحدر ابن طباطبا إلى الكوفة يدعو من يثق به إلى ما يريد ، حتّى اجتمع له بشر كثير ، وتأهب لذلك وانتظر موافاة أبي السرايا.
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ عن نصر بن مزاحم وغيره.