آخر رسالة للكاظم عليهالسلام :
أسند الكليني بطرق ثلاث إلى علي بن سويد السائي المدني قال : كان أبو الحسن موسى عليهالسلام في الحبس وأنا كتبت إليه كتاباً أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة ، فتأخّر عليَّ الجواب أشهراً ، ثمّ أجابني بجواب هذه نسخته :
بسم الله الرحمنِ الرحيم، الحمد لله العلي العظيم ، الذي بعظمته ونوره أبصرَتْه قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيلة ، بالأعمال المختلفة والأديان المتضادة ، فمصيب ومخطئ ، وضال ومهتدي ، وسميع وأصم ، وبصير وأعمى ، فالحمد لله الذي عرّف وصف دينه بمحمد صلىاللهعليهوآله.
أمّا بعد ، فإنّك امرؤ أنزلك الله من (آل محمّد) بمنزلة خاصة ، وحفظ ما استرعاك من دينه ، وما أُلهمك من رشدك ، وبصّرك من أمر دينك ، بتفضيلك إيّاهم ، وبردّك الأُمور إليهم. كتبت تسألني عن أُمور كنتُ منها في تقية ومن كتمانها في سعة ؛ فلمّا انقضى سلطان الجبابرة ، وجاء سلطان ذي السلطان العظيم بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها العُتاة على خالقهم (بقتلى) رأيت أن افسّر لك ما سألتني عنه ، مخافة أن تدخل الحيرة على ضعفاء «شيعتنا» مِن قِبل جهالتهم. فاتّقِ الله «عزّ ذكره» وخُصّ بهذا الأمر أهله ، واحذر أن تكون سبب بلية على الأوصياء أو حادث عليهم ، بإفشاء ما استودعتك وإظهار ما استكتمتك ، ولن تفعل إن شاء الله.
إنّ أوّل ما انهي إليك أنّي أنعى إليك نفسي في لياليّ هذه! غير جازع ولا نادم! ولا شاكّ في ما هو كائن ، ممّا قد قضى الله «عزوجل» وحتّم ... (١).
__________________
(١) روضة الكافي : ١٠٧ ، وفي اختيار معرفة الرجال صدره في : ٣ ، الحديث ٤ ، وذيله في : ٤٥٥ ، الحديث ٨٥٩. وصدره أيضاً في قرب الاسناد : ٢٦٠.