فقال : إنّ هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم ، فهم ليسوا كأُولئك. وإنّما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيّه لتُحيا ؛ وإلى أن تطفأ البدع ، فإن أنتم أجبتمونا سُعدتم ، وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل. ففارقوه (١).
ولعلّ هؤلاء الكوفيين كانوا قد سمعوا من سَدير الصيرفي الكوفي قوله : أنّه دخل مع أبي المقدام ثابت الحدّاد وسالم بن أبي حفصة وسلمة بن كُهيل وكثير النّواء ومعهم جمع آخرون على الباقر عليهالسلام ، فقالوا له : نحن نتولّى علياً وحسناً وحسيناً ونتبرّأ من أعدائهم. فقال الباقر عليهالسلام : نعم. فقالوا : ونتولّى أبا بكر وعمر ونتبرّأ من أعدائهم! فالتفت إليهم زيد فقال لهم : أتتبرّؤون من فاطمة؟! ثمّ قال لهم : بترتم أمرنا بتركم الله (٢) فكانوا يتوقّعون اليوم أن يسمعوا منه مثله ، فأجابهم بما مرّ ، ممّا قال فيه علماؤنا : جوابه باطل لجلج! لكن لابدّ من تأويله ، بالتقية من جمهور أصحابه (٣) ذلك أنّه لاتَسعه المصارحة معهم بحقيقه معتقده لكي لاينفضّوا من حوله فيستغفر لأُولئك القدماء من الخلفاء. ولعلّه بعد مصارحته السابقة بمحضر الباقر عليهالسلام تعلّم منه التأكيد على التقية خوفاً أو مداراة فتقيّد بها بعد ذلك ولا سيّما هنا.
كتاب هشام إلى الثقفي :
رفعت عيون هشام إليه ما وقفوا عليه من أُمور زيد في الكوفة ، فكتب إلى يوسف الثقفي يقول :
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٨٠ ـ ١٨١ عن الكلبي عن أبي مخنف ، ويدلّ الخبر على عدم تشيّعه للباقر والصادق عليهماالسلام.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٢٣٦ ، الحديث ٤٢٩.
(٣) قاموس الرجال ٤ : ٥٨١ برقم ٣٠٥٥.