وفي اليعقوبي : كتب السفّاح إلى عمّه عبد الله بن علي : أن العدوّ قد كلب بالغفلة عنه! وأمره أن ينفذ بالجيوش التي معه فيبثهم في نواحي الثغور. فزحف عبد الله ولم يزل يعبّئ حتّى قطع الدرب عليهم (١).
أبو مسلم بعد قتل أبي سلمة :
ولما استسلم السفّاح لسفح دم وزيره الخلّال الخراساني بطلب رقيبه أبي مسلم الخراساني فخلا له الجوّ ، استأذنه للقدوم إليه ثمّ إلى الحج لسنة (١٣٦ ه) فأذن له (٢) وقدم عليه فأكرمه وأعظمه. وكان أخوه المنصور حاضراً ودخل أبو مسلم فسلّم على السفّاح ولم يسلم على المنصور وأراد الخروج فقال له السفّاح : لِمَ لَم تسلّم على مولاك؟! يعني المنصور! فقال : قد رأيته ولكنّه في مجلس الخليفة لا يقضى حقّ أحد غيره (٣)!
فلمّا حضر الموسم استأذنه للحج فأذن له فحجّ وحجّ معه المنصور ، فلمّا خرجا اشتدت العلّة (الجدري) بالسفّاح ، فقيل له : صيّر ولاية عهدك إلى أبي جعفر. وكان عنده عمّه عيسى بن علي يصلّي عنه بالناس ، وبعد صلاة العشاء خرج رسول السفّاح إليه بكتاب عليه عنوانه : من عبد الله و «وليّه» إلى «آل رسول الله» و «الأولياء» وجميع المسلمين (والكتاب مغلق ، وحضر عمّه عيسى عنده فقال له) : يا عمّ إذا خرجت نفسي فسجّني بثوبي واكتم موتي حتّى يقرأ هذا الكتاب على الناس ، فإذا قرئ فخذ بيعة المسمّى فيه ، فإذا بايع الناس فخذ في أمري وجهّزني وصلّ عليَّ وادفنّي. خذ هذا الكتاب وامض راشداً.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥١.