وكان الحسين بن علي بن الحسين فاضلاً ورعاً وروى حديثاً كثيراً عن أبيه وأخيه الباقر عليهماالسلام ، وممّا رواه عنه حفيده يحيى بن سليمان عن عمّه إبراهيم بن الحسين عن أبيه الحسين قال : كان إبراهيم بن هشام المخزومي والي المدينة يجمعنا يوم الجمعة قريباً من المنبر ، فيقع في علي يشتمه! (بعد منع عمر بن عبد العزيز!) قال : فحضرت يوماً وقد امتلأ ذلك المكان فلصقت بالمنبر فأُغفيت ، فرأيت رجلاً عليه ثياب بيض انفرج له القبر فخرج منه وقال لي : يا أبا عبد الله! ألا يحزنك ما يقول هذا؟ قلت : بلى والله! قال : فانظر ما يصنع الله به! فنظرت فإذا به ذكر علياً ، فرُمى به من فوق المنبر ، فمات (١) سنة (١١٥ ه) (٢).
وأمر هشام بقتل جابر الجعفي :
وقبل وفاة الإمام الباقر عليهالسلام علينا أن نقف على آخر ما روى عنه عليهالسلام لجابر بن يزيد الجعفي الكوفي حفاظاً على حياته من جور هشام الشام :
ما رواه الكليني بسنده عن النعمان بن بشير الكوفي قال : كنت مزاملاً لجابر بن يزيد الجعفي في المدينة فدخل على أبي جعفر الباقر عليهالسلام فودّعه ، وخرج وهو مسرور. ثمّ ارتحلنا إلى الكوفة على قلعة فيد حتّى وردنا الاخيرجة أول منزل يوم الجمعة فصلينا الزوال ، ثمّ ارتحلنا رواحلنا فإذا برجل طوال آدم معه كتاب ناوله جابراً فتناوله وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد ، وعليه طين أسود رطب ، فقبّله ووضعه على عينيه وقال له : متى عهدك بسيدي؟ قال الساعة بعد الصلاة
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ١٧٤.
(٢) الأعلام للزركلي ١ : ٧٨ ، كذا هنا ، وقد نقلوا فيه أنّه عُزل وغُرّم ثمّ مات. وشتمُ الإمام علي عليهالسلام علناً بعد أكثر من عشرين عاماً من منع ابن عبد العزيز ، ممّا يُبعد صحة هذا الخبر.