خروج إبراهيم الحسني بالبصرة :
وأحسّ المنصور بالشر فوجّه سبعمئة فارس بقيادة جابر بن توبة معونة لوالي البصرة.
وبعد المغرب لأول رمضان بهنيهة ارتفعت تكبيرة وتتابع التكبير ، وصار إبراهيم الحسني في أربعة عشر فارساً فوقفوا في مقبرة بني يشكر الهمدانيين ، وكان فيها قصب يباع ، فأقاموا في كل ناحية من المقبرة أطناناً ألهبوا فيها النار فأضاءت المقبرة ، وبدأ أصحابهم الذين كانوا وعدوهم يأتونهم ، فكلما جاءت طائفة كبّروا ، منذ أول الليل إلى نحو من نصفه ينتظر نميلة بن مرة السعدي ومن وعده من بني تميم ، حتّى جاءوه وتمّ لهم ما أرادوه.
وبعد ما ذهبت طائفة من الليل نحو من نصفه مضوا إلى دار الإمارة ، وقد حملوا معهم النار فألقوه في الرحبة وأدنى القصر فأحرقوه ، ووجدوا دواب أصحاب جابر بن توبة وهي سبعمئة فأخذوها. والأمير سفيان بن معاوية المهلّبي الأزدي طلب الأمان له ولمن معه فنزلوا على الأمان إلى إبراهيم فتركهم (١).
وكان بالبصرة أبناء سليمان بن علي العباسي : محمّد وجعفر فجمعوا من مواليهم ومن والاهم نحو من ثلاثة آلاف وتوجهوا إلى أصحاب إبراهيم (٢) وقد دخل إبراهيم المسجد فصلّى وخطب ، فبينا هو يتكلم إذ أتاه آت فقال : هذا جعفر ومحمّد ابنا سليمان قد أقبلا في مواليهما! فصاح إبراهيم بصاحبيه المُضاء والطهوي وقال لهما : اذهبا فقولا لهما : يقول لكما ابن خالكما : إن أجبتما جوارنا ففي الأمن والرحب لا خوف عليكما ولا على أحد تؤمّنانه! وإن كرهتما جوارنا فاذهبا حيث شئتما ولا تسفكا دماً بيننا وبينكم.
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٢) تاريخ خليفة : ٢٧٧.