نكبة البرامكة ومكوّناتها :
وعلمت أُم الأمين بأ نّه ولّاه العراق وولّى المأمون خراسان وفيه العدد والقوّاد ، فدخلت عليه وعاتبته على ذلك. فقال : إني ولّيت ابنك السلم وعبد الله الحرب ، وصاحب الحرب أحوج إلى الرجال من المسالم ، ومع هذا فإنّا نتخوّف ابنك على أخيه عبد الله ، ولا نتخوّف عبد الله عليه.
فلمّا ادخلا الكعبة ليحلفا للرشيد بالوفاء ، وقام الأمين ليخرج ردّه جعفر البرمكي وحلّفه : إن غدر بأخيه المأمون خذله الله! ثلاثاً! وعلمت أُمه بذلك فضغنت على جعفر البرمكي ، فحرّضت الرشيد عليه حتّى بعثته على قتله (١).
ونقل تفصيله المسعودي قال : إنّ العباسة عشقت جعفر وكتبت إليه فردّها ، فقصدت أُمه وألقت إليها ما تريده من الشرف لابنها بمصاهرة الرشيد ، وأ نّه أمان لها ولولدها من السقوط وزوال النعمة! فوعدتها أُم جعفر. ثمّ أقبلت على ابنها جعفر بوصف وصيفة تشتريها له ، ووعدته ليلة كذا ، وبعثت بذلك إلى العباسة فاستعدت وسارت إليها في تلك الليلة. وانصرف جعفر من سهره مع الرشيد نشوان بل سكران ، من فضل شرابه ، وسأل عنها فأُدخلت عليه فحبلت منه ، ثمّ عرّفته بنفسها! ثمّ ولدت غلاماً فوكلته إلى حاضنة تسمى برّة ووكلت بها خادماً يسمى رياش ثمّ وجّهت بهما إلى مكة ثمّ إلى اليمن. وأخبرت زبيدة بذلك الرشيد ، فحجّ ووكّل من يبحث ويفحص فوجد الخبر صحيحاً ، فعاد إلى بغداد ثمّ صار إلى الأنبار ومعه السندي بن شاهك. فلمّا عزم على النكبة ردّ السندي بأمر سرّي إلى بغداد ليوكّل بدور البرامكة وأبنائهم وكتّابهم وقراباتهم من يحفظ عليهم أنفاسهم ريثما يأتيه أمره.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٣٥٢ ـ ٣٥٤.