هذا ما رواه المسعودي (١) وقبله نقله الدينوري أنه قالها للأصمعي البصري ثمّ قال : قالوا : (بعد ما جرى بينهما ذلك) كان المأمون يقول : محمد كان أبوه الرشيد سمع من موسى بن جعفر بن محمد جميع ما جرى بيننا (٢).
وروى المسعودي عن الأصمعي البصري مسامر الرشيد : أنه كان يسامره ليلة ، إذ قال الرشيد لمسرور الخادم : عليَّ بيحيى البرمكي ، فما لبث أن أتاه ، فقال له : قد عنيت بتصيير العهد إلى من أرضى سيرته وأحمد طريقته وأثق بحسن سياسته ، وآمن ضعفه ووهنه وهو عبد الله (المأمون) وبنو هاشم (بنو العباس) مائلون بأهوائهم إلى محمد (الأمين) وفيه ما فيه من الانقياد لهواه والتصرّف بطويّته والتبذير لما في يده ومشاركة الاماء والنساء في رأيه! فأشر عليَّ في هذا الأمر. فأشار عليه يحيى فنحّاني الرشيد إلّاأني كنت أسمعهما ، فناظرا طويلاً حتى افترقا على أن يعقد الأمر لمحمد وبعده لعبد الله.
فخرج الرشيد حاجاً سنة (١٨٦ ه) ومعه وليّا عهده الأمين والمأمون ، وكتب الشرطين بينهما وعلّقهما في الكعبة. وكان تحليفهما لدى أبيهما في الكعبة ، فلما حلف الأمين بما حلف وأراد الخروج من الكعبة ردّه جعفر البرمكي واستحلفه : إن غدر بأخيه المأمون خذله الله ، فحلف له به ، حتى فعل ذلك ثلاثاً (٣)!
وفي السنة نفسها (١٨٦ ه) (قبل هذا) كان قد ثار أبو الخصيب النسأي من نسأ خراسان ، وقد تغلّب على طوس وسرخس ومرو ، فخرج إليه علي بن عيسى بن ماهان بجمعه فقابله وقاتله حتى فلّ جمعه (٤).
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٣٥١.
(٢) الأخبار الطوال : ٣٨٩.
(٣) مروج الذهب ٣ : ٣٥٣. ونصّ الكتابين في اليعقوبي ٢ : ٤١٦ ـ ٤٢١.
(٤) تاريخ خليفة : ٣٠٢ ، ٣٠٣.