ففي سنة (١٤٠ ه) أرسل المنصور قائده الحسن بن قحطبة الطائي ومعه عبد الوهاب بن إبراهيم العباسي أخ المنصور ، في سبعين ألفاً ، إلى ملطية ليعمّروها ، فعمّروها في ستة أشهر. وسار إليهم ملك الروم قسطنطين في مئة ألف حتّى نزل نهر جيحان ، فبلغهم كثرة المسلمين فعادوا خائبين.
وأمر المنصور كذلك بعمارة سور المصّيصة وسمّاها المنصورة ، وبنى بها جامعاً وأسكنها ألف جندي (١) وأسكن في ملطية أربعة آلاف من الجند وأكثر فيها من السلاح والذخائر ، وبنى كذلك حصن قلوذية (٢).
ووسّع المسجد الحرام والتقى بالإمام عليهالسلام :
كان على مكّة والمدينة زياد بن عبيد الله الحارثي من أخوال السفّاح فأقره المنصور ، وشكى الناس إليه ضيق المسجد الحرام فأمره المنصور بشراء الدور حوله من جهة دار الندوة إلى باب بني جُمح فامتنع الناس من البيع ، فذكر ذلك للصادق عليهالسلام ، فقال له : سلهم : أهم نزلوا على البيت أم البيت نزل عليهم؟ فإن للبيت فناءه. فهدمت المنازل وادخلت دار الندوة فيه حتّى صار المسجد ضِعفه مما يلي دار الندوة إلى باب بني جُمح. ووسّع كذلك مسجد الخيف وبناه ، وفرغ من ذلك سنة (١٤٠ ه) فحجّ المنصور لينظر ما زاد في المسجد الحرام (٣).
وهنا خبر طريف يكشف عن حضور الصادق عليهالسلام وأهل بيته عند زياد الحارثي أمير المدينة :
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ٢ : ١٨٥.
(٢) مختصر تاريخ الدول : ١٢١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٩.