قيام الحسين الحسني بالمدينة :
وتواعدوا أذان المؤذّن للصبح ، وأن يتنادوا : أحَد أحَد! وهنا يذكر الخبر : أن لمّا أذّن المؤذن للصبح دخلوا المسجد يتنادون أحد أحد ، وبعده يعود لينصّ على وجود منارة مُقامة عند رأس النبيّ في موضع الجنائز ، وأنّ المؤذّن كان قد صعدها ليؤذن فصعد إليه عبد الله بن الحسن الأفطس بسيفه وأمره أن يترك التثويب ب «الصلاة خير من النوم» إلى «حيّ على خير العمل» فلمّا رأى المؤذّن السيف في يده أذّن بها. فلعلّه كان الأذان الثاني للصلاة ، والأول كان للإعلام بدخول الوقت.
قال : فلمّا سمع عبد العزيز العُمري ذلك أحسّ بالشر ودُهش ، وأراد أن يقول : أغلقوا الباب وأسرجوا لي البغلة وأتوني بجبّتي واسقوني ماءً! قال : أغلقوا البغلة الباب وأطعموني جبّتي الماء! ثمّ اقتحم إلى دار جدّه عمر بن الخطاب وخرج منه إلى زقاق عاصم بن عمر ومضى هارباً على وجهه يسعى ويضرط حتّى نجا!
فصلّى الحسين بالناس الصبح ، ثمّ دعا بالحسن بن محمّد الحسني ودعا بالشهود وقال لهم : هذا الحسن قد جئت به ، فهاتوا العُمري فقد خرجت مما عليَّ ومن يميني. ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال :
أنا ابن رسول الله على منبر رسول الله وفي حرم رسول الله ، أدعوكم إلى سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله. أيّها الناس ، أتطلبون آثار رسول الله في العود والحجر وتتمسّحون بهما وتضيّعون بَضعة منه (١)!
فأنا ابايعكم على كتاب الله وسنّة رسول الله ، وعلى أن يطاع الله ولا يُعصى. وأدعوكم إلى الرضا من آل محمّد ، وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٢٩٧.