مع ذلك نراه حبس عمّه عبد الله ، وعزل عن البصرة عمّه سليمان ، وولّى بمكانه سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلّب الأزدي البصري في شهر رمضان سنة (١٣٩ ه) وأمره بقتل ابن المقفّع ، وكان سفيان واجداً على ابن المقفّع لأنه كان يضحك منه ويعبث به معتصماً وممتنعاً عليه بعيسى وسليمان ابني علي العباسي ، فكان سفيان حاقداً عليه ، فلمّا كوتب في أمره بما كوتب عزم على قتله (١) وسيأتي خبره ، وقبله نذكر هنا بعض أخباره مع الصادق عليهالسلام :
ابن المقفّع ومعارضة القرآن :
أرسل الطبرسي عن هشام بن الحكم مولى بني كندة (٢) قال : اجتمع أبو شاكر عبد الله الديصاني الزنديق ، وعبد الكريم بن أبي العوجاء ، وعبد الملك البصري وصاحبه عبد الله بن المقفّع عند بيت الله الحرام (في الموسم) يستهزئون بالحاج!
وقال لهم ابن أبي العوجاء : إن في نقض القرآن إبطال نبوة محمّد ، وفي إبطال نبوته إبطال الإسلام وإثبات ما نحن عليه! فتعالوا ينقض كل واحد منّا ربع القرآن ، فنجتمع من قابل في هذا الموضع وقد نقضنا القرآن كلّه! فاتفقوا على ذلك وافترقوا.
فلمّا كان من قابل (وقد حجّ الصادق عليهالسلام فلعلّها عام ١٤٠ ه) اجتمعوا عند بيت الله الحرام.
فقال ابن أبي العوجاء : أما أنا فمنذ افترقنا أُفكر في هذه الآية : (فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً (٣)) فما أقدر أن أضم إليها في فصاحتها وجميع معانيها شيئاً ، فشغلتني هذه الآية عن التفكير فيما سواها.
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٨ : ٢٧٠.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٢٥٦ ، الحديث ٤٧٥.
(٣) يوسف : ٨٠.