إنّ يزيد بن عبد الملك «خليفة الله» استخلفه الله! على عباده ، وأخذ ميثاقهم بطاعته! وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة ، وقد ولّاني ما ترون يكتب إليّ بالأمر من أمره فانفّذه ، وأُقلده ما تقلّده من ذلك ، فما ترون؟
قال المسعودي : فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه «تقيّة»! وتأخّر الحسن! حتّى قال له عمر : فما تقول أنت يا حسن! فقال :
يابن هبيرة! خفِ الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله! إنّ الله يمنعك من يزيد وإنّ يزيد لا يمنعك من الله ، ويوشك أن يبعث عليك ملكاً فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك! فلا ينجيك إلّاعملك!
يابن هبيرة! إنّي احذّرك أن تعصي الله ، فإنّ الله إنّما جعل هذا السلطان ناصراً لدين الله وعباده فلا تركبنّ دين الله وعباده بسلطان الله! فإنّه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
فلم يؤاخذه ابن هبيرة بل ضاعف في جائزة الحسن ، فلمّا رأى الشعبي ذلك قال : سفسفنا في الأقوال فسفسف لنا في الأموال (١).
يزيد اللهو واللعب :
حجّ يزيد بن عبد الملك أيّام أخيه سليمان ، فعرضوا عليه جارية مغنّية تدعى حُبابة وغنّت له فأحبّها بل وشُغف بحبّها فاشتراها بأربعة آلاف دينار! فلمّا بلغ ذلك إلى أخيه سليمان قال : لقد هممت أن أحجر على يزيد! فلمّا سمع بذلك يزيد وهو يريد استمالة أخيه سليمان فردّ الجارية ، واشتراها رجل من مصر.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢٠٢ وقال : وكان أبوه يسار مولى امرأة من الأنصار ، ومات سنة (١١٠ ه).