فلمّا قضى صلاته التفت إليّ وناداني : تعال يا مهاجر! وقال لي : قل لصاحبك : يقول لك جعفر : كان أهل بيتك إلى غير هذا أحوج منهم إلى هذا! تجيء إلى قوم شباب محتاجين فتدسّ إليهم ، فلعلّ أحدهم يتكلم بكلمة تستحلّ بها سفك دمه؟! فلو بررتهم ووصلتهم وأغنيتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم!
فلمّا أتيت أبا الدوانيق قلت له : جئتك من عند ساحر كذاب كاهن ، كان من أمره كذا وكذا! فقال : صدق والله! لقد كانوا إلى غير هذا أحوج! ثمّ قال لي : وإياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان (١)!
وعليه فقد أعدّ المنصور العدّة لآل الحسن بأسوأ التقارير بل الأقارير إن صحّ التعبير ، ولذا أخذهم أخذ جائر جابر.
دعوة الحسني ، وموقف الصادق عليهالسلام :
روى الكليني بسنده عن موسى بن عبد الله الحسني : أن أخاه محمّداً كان قد اختفى في جبل الأشقر من جبال جُهينة على ليلتين من المدينة. وفي أواخر سنة (١٤٤ ه) أخذ أبوه عبد الله في أمره وأجمع على لقاء أصحابه ، ورأى أنّه لا يستقيم أمره إلّابلقاء الصادق عليهالسلام.
قال موسى : فانطلقت معه حتّى أتينا أبا عبد الله عليهالسلام فلقيناه خارجاً يريد المسجد ، فاستوقفه أبي وكلّمه ، فقال له أبو عبد الله : ليس هذا موضع ذلك ، نلتقي إن شاء الله. فرجع أبي مسروراً ، وأقام حتّى إذا كان الغد أو بعده بيوم.
انطلقنا حتّى أتيناه فدخل عليه أبي وأنا معه ، فابتدأ الكلام وقال : قد علمت جعلت فداك أن السنّ لي عليك! وأن في قومك من هو أسنّ منك ، ولكن الله عزوجل قد قدّم لك فضلاً ليس هو لأحد من قومك! وقد جئتك معتمداً
__________________
(١) الخرائج والجرائح ٢ : ٦٤٦.