لما أعلم من برّك ، واعلم ـ فديتك ـ أنك إذا أجبتني لم يتخلّف عني أحد من أصحابك ، ولم يختلف عليّ اثنان ، من قريش ولا غيرهم.
فقال له أبو عبد الله : إنك تجد غيري أطوع لك منّي ، ولا حاجة لك فيّ ؛ فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو أهمّ بها فأثقل عنها ، وأُريد الحجّ فما ادركه إلّا بعد كدّ وتعب ومشقة على نفسي! فاطلب غيري وسله ذلك ، ولا تُعلمهم أنك جئتني.
فقال له : إن الناس مادّون أعناقهم إليك ، وإن أجبتني لم يتخلّف عنّي أحد ، ولك أن لا تكلَّف قتالاً ولا مكروهاً. وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا ، فقال أبي : جُعلت فداك ما تقول؟ قال : نلتقي إن شاء الله. فقال : أليس على ما احب؟! فقال : على ما تحب إن شاء الله من صلاحك. فانصرف حتّى جاء البيت ، فبعث رسولاً إلى محمّد أعلمه أنّه قد ظفر له بوجه حاجته وما يطلب!
ثمّ عاد بعد ثلاثة أيام فدخلنا عليه فجلست أنا في ناحية الحجرة ، ودنا أبي إليه فقبّل رأسه ثمّ قال له :
جعلت فداك قد عدت إليك راجياً مؤمّلاً ، قد انبسط رجائي وأملي ، ورجوت درك حاجتي!
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : يابن عم ، إني اعيذك بالله من التعرّض لهذا الأمر الذي أمسيت فيه! وإني لخائف عليك أن يُكسبك شرّاً ؛ فلمّا قال الصادق عليهالسلام ذلك جرى الكلام بينهما حتّى أدّى بأبي إلى ما لم يكن يريده من قوله : بأي شيء كان الحسين أحقّ بها من الحسن؟!
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : رحم الله الحسن ورحم الحسين ، ولكن كيف ذكرت هذا؟
قال : لأن الحسين عليهالسلام إذا كان يعدل كان ينبغي له أن يجعل (الوصية) في الأسنّ من وُلد الحسن!