وكأنّ هذا الإمكان حصل لأواخر السنة الثالثة لعهده أي في ذي الحجة سنة (١٣٤ ه) (١) وفي اليعقوبي : كان قد اشترى من الناس أشرية كثيرة بنى فيها ، فأقطعها أهل بيته وقوّاده. ثمّ رفع إليه أهل تلك الأرضين والمنازل أنهم لم يقبضوا أثمانها (٢)! فأمر فضربت مضارب خيمه وأخبيته بظاهرها وبرّها حتّى استوفى القوم أثمان أراضيهم ، ثمّ عاد إلى قصره بها (٣).
اختلال أمر الخلّال وقتله :
لقّب بنو العباس أنفسهم ب «آل محمّد» وأبا مسلم الخراساني ب «أمين آل محمّد» وأبا سلمة الخلّال ب «وزير آل محمّد» فكان أبو مسلم يكتب إليه : «للأمير حفص بن سليمان وزير آل محمّد من أبي مسلم أمين آل محمّد» ثمّ علم أبو مسلم عن أبي سلمة اموراً أنكرها وذكر له تدبيره والتماسه صرف الدولة إلى بعض الطالبيين ، فكتب أبو مسلم إلى السفّاح من خراسان : أن اقتل أبا سلمة فإنّه العدوّ الغاش الخبيث السريرة (٤) فلمّا أبطأ في ذلك ...
كتب إلى عمّه داود بن علي (قبل موته) وإلى أخيه المنصور يسألهما أن يشيرا على السفّاح بقتل الخلّال ، فكلّماه في ذلك فقال لهما : ما كنت لُافسد كثير إحسانه وعظيم بلائه وصالح أيامه بزلّة كانت منه (٥) وكره السفّاح أن يوحش
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٨٤.
(٢) ولعلّ هذا مما أساء ظنّه بوزيره الخلّال بأنه يريد إساءة ظنّ رعيّته به!
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥٨.
(٤) انظر تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥٢.
(٥) مروج الذهب ٣ : ٢٧٠.