وجئنا فاتّقينا الرماح بوجوهنا والسيوف بصدورنا ، فعرضتم دونهم فقاتلتمونا! فوالله لو قلتم : لا نعرف الذي تقولون ولا نعلمه ؛ لكان أعذر لكم ، مع أنّه لا عذر للجاهل! ولكن أبى الله إلّاأن ينطق بالحق على ألسنتكم ليأخذكم به في الآخرة (١).
الإباضية من مكّة إلى المدينة :
في آخر سنة (١٢٩ ه) صدر الناس من الحج ، فخرج معهم واليها الأموي عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك وكتب إلى مروان بن محمّد بخذلان أهل مكّة ، وكان مروان قد جعل على المدينة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز الأموي فكتب إليه أن يوجّه جيشاً إلى مكة لحرب أبي حمزة الإباضي ، فاستعمل عبد العزيز بن عمر : عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان الأموي وجعل راية قريش مع إبراهيم بن عبد الله بن مطيع العدوي وخرجوا.
وبلغ الخبر إلى أبي حمزة الإباضي فقدّم بلَج بن عُقبة من أزد البصرة في ثلاثين ألف فارس ، واستخلف على مكّة أبرهة بن الصبّاح الحميري ، وتقدّم المدنيون إلى قُديد بقرب مكة فالتقوا فيها بالخوارج ، فقال لهم بلج الأزدي : خلّوا طريقنا نأتي هؤلاء الذين «بغوا» علينا وجاروا في الحكم ، ولا تجعلوا حدّنا بكم فإنّا لا نريد قتالكم. فأبى المدنيون وقاتلوهم فانهزموا وقد قتل من قريش فقط ثلاثمئة رجل.
ولحقهم أبو حمزة فمضى حتّى دخل المدينة يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر صفر سنة (١٣٠ ه).
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٢٥١ ـ ٢٥٢.