وكان مَسلمة قد تنحّى بطعام جيشه ثمّ أمر كلّ فارس أن يحمل معه مدّين من الطعام على عجز فرسه ليكرّ على القسطنطينية! وأعدّ لاون الرجال والسفن فنقلوا كلّ طعام المسلمين في ليلة إلى القسطنطينية ولم يتركوا منه إلّاما لا يذكر! ونزل مَسلمة بفناء القسطنطينية ثلاثين شهراً ، واستجاش لاون البُلغار والإفرنج في السفن على المسلمين ، والرومان يحاربونهم من الداخل ، فلقى المسلمون ما لم يلقه أي جيش آخر حتّى أكلوا الدواب والجلود وأُصول الشجر والورق! ونزل الشتاء فلم يقدر سليمان أن يمدّهم حتّى مات (١).
من بدع عهد سليمان وعلّة موته :
قال المسعودي : من أحداث عهد سليمان بمكّة على يد خالد القَسري أنّه بلغه قول شاعر :
يا حبّذا الموسم من موقف |
|
وحبّذا الكعبة من مسجد |
وحبّذا اللاتي تزاحمننا |
|
عند استلام الحجر الأسود |
فأمر خالد بالتفريق في الطواف بين الرجال والنساء! وأدار صفوف الناس في الصلاة حول الكعبة ، وقد كان قبل ذلك بخلافه!
والتزم سليمان الثياب الرقاق والوشي : جُباباً وأردية وسراويل وعمائم وقلانس ، فلا يدخل عليه أحد من أهل بيته إلّافي الوشي ، بل وعمّاله وأصحابه
__________________
(١) مختصر تاريخ الدول لابن العبري الملطي : ١١٤ ، وقال : أصبح لاون محارباً لمَسلمة ، وقد خدعه خديعة لو كانت امرأة لعُيّبت بها! وسلم مَسلمة من ذلك بأقلام الإسلام! فمرّوا عليه مرور الكرام! نعم سبق المسعودي في التنبيه والإشراف : ١٤١ بمثل مقال هذا الملطي ، وسمّاه : تيدوس الأرمني وسمّى الخادع : أليون بن قسطنطين المرعشي ، وقال : قفل مَسلمة في سنة (١٠٠ ه) بعد خطب طويل وعلى كره شديد!