فأخذ المال ومضى ، فلمّا رجع قال للمنصور : هذه خطوطهم بقبض الأموال ، ما خلا جعفر بن محمّد ، فإني رأيته يصلّي في مسجد الرسول فجلست خلفه وقلت في نفسي : ينصرف فاذكر له ذلك.
فعجّل والتفت إليّ وقال له : يا هذا ، قل لصاحبك : اتقِ الله ولا تغرّ أهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآله ، فإنهم قريبو عهد بدولة بني مروان وكلهم محتاج! فقلت : وما ذاك أصلحك الله؟ قال : ادن مني ، فدنوت فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتّى كأنه كان ثالثنا!
فقال المنصور : يابن مهاجر! اعلم أنّه ليس من «أهل بيت» نبوة إلّاوفيهم محدَّث ، وإن جعفر بن محمّد محدَّثنا اليوم!
فكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة (١) يعني الإمامة.
هذا ما رواه الكليني مسنداً عن جعفر بن محمّد الأشعث عن خال أبيه فلان بن المهاجر ، إنّما فيه أنهم قالوا بإمامة الصادق عليهالسلام وليس فيه أن ابن مهاجر هاجر ما كان عليه من القول.
بل أرسل الراوندي عن مهاجر بن عمار الخزاعي قال : بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة بمال كثير وأمرني أن أتضرّع لأهل هذا البيت وأحفظ مقالتهم! فدخلت المسجد بالمدينة ولزمت الزاوية القبلية (الجنوبية) لم أكن اتنحّى عنها في ليل ولا نهار. وكان حول قبر الرسول سُوّال (يتسوّلون من الزائرين!) فأخذت إليهم الدراهم ، وإلى من هو فوقهم! الشيء بعد الشيء! حتّى أني ناولت شباباً من بني الحسن ومشيختهم ، وحتّى أني تأ لّفتهم وتأ لّفوني سرّاً!
ثمّ بعد ما نلت حاجتي ممن كنت اريد من بني الحسن وغيرهم ، دنوت من أبي عبد الله (الصادق عليهالسلام) وهو يصلي ـ ولم أكن أتسمّى باسمي ولا أتكنّى لهم ـ
__________________
(١) اصول الكافي ١ : ٤٧٥ ، الحديث ٦.