أمّا بعد ، فقد علمتَ بحال أهل الكوفة في حبّهم «أهل هذا البيت» ووضعهم إيّاهم في غير مواضعهم! لأنّهم افترضوا طاعتهم على أنفسهم ، ووظّفوا عليهم شرائع دينهم ، ونحلوهم علم ما هو كائن! حتّى حملوهم ـ من تفريق الجماعة ـ على حال استخفّوهم فيها إلى الخروج!
وقد قدم! زيد بن علي على أمير المؤمنين! في خصومة عمر بن (علي) ففصل أمير المؤمنين بينهما! ورأى رجلاً جَدلاً لسنا ، خليقاً بتمويه الكلام وصوغه ، واجترار الرجال بحلاوة لسانه وبكثرة مخارجه في حججه ، وما يدلي به عند لَدد الخصام من السطوة على الخصم بالقوة الحادّة لنيل الفلج!
فعجِّل إشخاصه إلى الحجاز ولا تخلّه والمقام قِبلك ، فإنّه إن أعاره القوم أسماعهم فحشاها من لين لفظه وحلاوة منطقه ـ مع ما يدلى به من القرابة برسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وجدَهم مُيَّلاً إليه ، غير متّئدة قلوبهم ولا ساكنة أحلامهم ولا مصونة أديانهم! وإخراجه وتركه (من التحامل عليه والأذى له) ـ مع السلامة للجميع والحقن للدماء و «الأمن» من الفُرقة ـ أحبّ إليّ من أمر فيه سفك دمائهم وانتشار كلمتهم وقطع نسلهم!
فادعُ إليك أشراف أهل المصر وأوعدهم العقوبة في الأبشار! واستصفاء الأموال! فإنّ من له منهم عقد أو عهد معي سيبطئ عنه ، ولا يخفّ معه إلّا الرُّعاع وأهل السواد ومن تُنهضه الحاجة! فبادهم بالوعيد ، واعضضهم بسوطك وجرّد فيهم سيفك! وأخِف الأشراف قبل الأوساط والأوساط قبل السفلة ... ولا تستوحش لكثرتهم!
واعلم أنّ من حجّتك عليهم توفيتَك أُعطية ذرّيتهم وأطماعهم! ونهيَك جندك (جند الشام) أن ينزلوا دورهم وحريمهم! فأمير المؤمنين! يسأل إلهه