هذا والأمين في بغداد ، وبلغها رجاء الخادم في ٢٢ من جمادى الأُولى فجُمع الناس ، وصعد المنبر إسحاق بن عيسى العباسي فنعى الرشيد إليهم وذكّرهم بعهده إلى ابنه الأمين ، فبايع الناس ، وذلك يوم الأربعاء ، فلمّا كان يوم الجمعة خطب الأمين فنعى أباه الرشيد ورثاه ، ثمّ أمرهم بالنصح وحثهم على الطاعة ثمّ نزل.
ولأول جمادى الآخرة قدم الفضل بن الربيع بوصية الرشيد وبيوت أمواله وخزائنه (١) وعمره (٢٢) عاماً (٢) وكان أخوه المأمون بمرو خراسان فكتب إلى الأمين بالطاعة والخضوع وامتثال أمره ونهيه ، انقياداً لما تقدم من العهد (٣) وأورد ابن الوردي : أنّ الأمين كان بمرو ، وأخوه صالح مع أبيه الرشيد فصلّى عليه ثمّ كتب إليه مع خادمهم رجاء وأرسل إليه خاتم الخليفة والبردة والقضيب ، فتحول إلى بغداد ، وكانت أُمه زبيدة بالرَّقة ومعها بعض خزائن الرشيد فحملتها إليه فخرج الأمين ومعه أعيان بغداد إلى الأنبار يتلقّاها (٤).
وقال السيوطي : كان شاباً حسن الصورة أبيض جميلاً طويلاً ، قويّاً شجاعاً ، فصيحاً بليغاً ، ذا أدب وفضيلة ، وقد كان سيّئ التدبير كثير التبذير ، أرعن ضعيف الرأي لا يصلح للإمارة (فضلاً عن الخلافة) ففي ثاني يوم بيعته أمر ببناء ميدان بجوار قصر المنصور للّعب بالكرة (٥).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٣٣ ـ ٤٣٤.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٣٨٧.
(٣) التنبيه والإشراف : ٣٠٠.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٠١.
(٥) تاريخ الخلفاء : ٣٥٥.