للكعبة كِسوة من قزّ رقيق أبيض ويكتب عليها : «أمر به الأصغر بن الأصغر أبو السرايا داعية «آل محمّد» لكسوة بيت الله الحرام وأن يطرح عنه كسوة الظلمة من ولد العباس لتطهر من كسوتهم. وكتب في سنة تسع وتسعين ومئة» ووجّه بها إلى الأفطس ليكسو بها الكعبة (١).
فمضى حسين بن الحسن يريد مكة ، فلمّا بلغ داود بن عيسى العباسي توجيه أبي السرايا الحسين بن الحسن إلى مكة لإقامة الحجّ للناس قال : لا أستحل القتال في الحرم ، وانحاز داود من مكة إلى ناحية المُشاش في طريق العراق ، وافتعل كتاباً من المأمون بتولية ابنه محمّد بن داود على صلاة الموسم وقال له : اخرج (يوم التروية) فصلّ بالناس بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبِت بمنى وصلّ بهم الصبح ، ثمّ اركب دوابك إلى عرفة فخذ على يسارك في شعب عمرو إلى طريق المُشاش ببستان ابن عامر.
وتوقّف حسين بن الحسن في منزل سَرف يرهب أن يدخل مكة فيقاتل دونها ، فخرج إليه قوم من أهلها ممن يميل إلى الطالبيين فأخبروه أنّ مكة ومنى وعرفة قد خلت من السلطان وأنهم قد خرجوا إلى العراق. فدخل حسين بن الحسن فطافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة ثمّ مضوا إلى عرفة فأدركوا عرفة مساءً فوقفوا بها ساعة ليلاً ، ثمّ عاد إلى المزدلفة سحراً فصلّى بهم فجراً ، ثمّ أقام أيام الحج بمنى وبقي بها حتّى انقضت سنة (١٩٩ ه) (٢).
فلمّا تفرق الحجاج وفي أول يوم من المحرم عام (٢٠٠ ه) دخل حسين الأفطس بجمعه إلى المسجد الحرام وطُرحت له نمرقة خلف المقام فأمر بنزع
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٥٣٦.
(٢) تاريخ الطبري ٨ : ٥٣٢ ـ ٥٣٣.