وكان رجل من بني نهد النجاري اشترى لزيد فرساً أدهم بهيم بخمسة وعشرين ديناراً ، فركبه زيد وخرج من جبّانة سالم إلى جبّانة بني صائد من همدان ، وإذا فيها خمسمئة من جيش الشام ، فحمل عليهم زيد بمن معه فهزمهم!
ثمّ مرّ زيد بدار أنس بن عمرو الأزدي فناداه زيد : يا أنس اخرج إليّ رحمك الله ، فقد (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً). فلم يخرج هذا وقد أجاب لمّا نادوه! فناداه زيد : ما أخلفكم! قد فعلتموها؟! الله حسيبكم!
ثمّ مضى إلى الكُناسة وبها جماعة من جيش الشام فهزمهم! ثمّ خرج إلى الجبّانة (المقبرة) ويوسف الثقفي على تلّ بينها وبين الحيرة ومعه حزام بن مرّة المزني في مئة من المجفّفة ، وزمزم بن سُليم الثعلبي في مئة منهم. وزيد في مئتين ، فلو أراد يوسفَ لقتله! ولكن الريان بن سلمة في جمع من جيش الشام كان يتبع أثر زيد فلم يقصد يوسف الثقفي.
بل أخذ يميناً على مصلى خالد القسري حتّى عاد إلى الكوفة فطلع عليهم جمع من جيش الشام! فلمّا رأوهم دخلوا زقاقاً فمضوا فيه ، وإنّما تخلّف منهم رجل فقتلوه ، واقتطعوا آخر ونجا سائرهم ، فأسروا الرجل وذهبوا به إلى يوسف الثقفي فقتل.
ولما رأى زيد خذلان أهل كوفان قال لنصر العبسي : يا نصر! أتخاف أن يكونوا قد فعلوها حسينية! فقال : أما أنا فوالله لأضربنّ معك بسيفي هذا حتّى أموت جعلني الله لك الفداء! إنّ الناس مَحصورون في المسجد الأعظم فامض بنا نحوهم (١).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٨٣ ـ ١٨٤.