وفصّل الطبري عن أبي عُبيدة قال : اتبعه «الشيعة» إلى الثعلبية ، وقالوا له : نحن أربعون ألفاً لا يتخلّف عنك أحد! فقال له داود بن علي : يابن عم ، إنّ هؤلاء يغرّونك من نفسك! أليس قد خذلوا من كان أعزّ عليهم منك : جدّك علي بن أبي طالب ، حتّى قُتل! وبايعوا الحسن من بعده ثمّ وثبوا عليه فانتزعوا رداءه من عنقه وانتهبوا فُسطاطه وجرحوه! أو ليس قد أخرجوا جدّك الحسين وحلفوا له بأوكد الأيمان ، ثمّ خذلوه وأسلموه ، ثمّ لم يرضوا بذلك حتّى قتلوه! فلا ترجع معهم.
فقال زيد لداوود : إنّ علياً كان يقاتله معاوية بدُهائه ونكرائه بأهل الشام ، وإن الحسين قاتله يزيد بن معاوية والأمر مُقبل عليهم.
فقال داوود : إني لخائف إن رجعت معهم أن لا يكون أحد أشدّ عليك منهم ، وأنت أعلم.
فقالوا له : إنّ هذا يزعم أنّه وأهل بيته أحقّ منكم بهذا الأمر ، ولا يريد أن تظهر أنت!
فمضى داوود (ومحمّد بن عمر) إلى المدينة ، ورجع زيد معهم الكوفة (١) ومعه ابنه يحيى.
ولم يكن عبد الله بن الحسن ممّن اتّهم على لسان خالد القسري ، فلم يكن معهم إلى الكوفة بل عاد من الشام إلى المدينة ، فلمّا عاد هؤلاء إلى المدينة وعلم بعودة زيد إلى الكوفة كتب إليه : يابن عم ، إنّ أهل الكوفة نُفُخ العلانية خائروا السريرة ، يهيجون في الرخاء ويجزعون في اللقاء ، يتقدّمون بألسنتهم ولا تشايعهم قلوبهم ، لا يبيتون بعُدّة ولا يبوؤن بدولة!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٦٧ ـ ١٦٨.