فلعلّ هناك كان ما نقله الحلبي بثلاثة طرق عن الصادق عليهالسلام قال : لمّا أشخص أبي محمّد بن علي عليهالسلام إلى دمشق (في ذلك السفر) سمع الناس يقولون :
هذا ابن أبي تراب (فلعلّه كان في مَدين مبنيّاً على وصف هشام لهم) فأسند ظهره إلى جدار.
ثمّ حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ عليهالسلام (كذا) ثمّ قال : اجتنبوا أهل الشقاق وذريّة النفاق ، وحشو النار وحصب جهنّم ، عن البدر الزاهر والبحر الزاخر ، والشهاب الثاقب والصراط المستقيم (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (١)).
أبصِنو رسول الله تستهزئون؟! أم بيعسوب الدين تلمزون؟! وأيّ سبيل بعده تسلكون؟! وأيّ حزن بعده تدفعون؟! هيهات هيهات! برز والله بالسبق وفاز بالخصل (الهدف) واستولى على الغاية ، وأحرز الخطار (الجائزة) فانحسرت عنه الأبصار (حسداً) وخضعت دونه الرقاب ، وفرَع (اعتلى) الذروة العليا ، فكذّب من رام السعى وأعياه الطلب (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٢)) وأنشد :
اولئك قوم إن بنوا أحسنوا البِنا |
|
وإن عاهدوا أوفوا ، وإن عقدوا شدّوا |
أقلّوا عليهم ـ لا أباً لأبيكم ـ |
|
من اللوم ، أو سدّوا المكان الذي سدّوا |
وأ نّى يُسدّ ثلمة أخي رسول الله إذا صدقوا؟! وشقيقه إذا نسبوا ، ونديده (مثله) إذا أقبلوا ، وذي قرنى كنزها إذا فتحوا ، ومصلّي القبلتين إذ تحرّفوا! والمشهود له بالإيمان إذ كفروا! والمدعوّ لنبذ عهد المشركين إذ نكلوا ، والخليفة
__________________
(١) النساء : ٤٧.
(٢) سبأ : ٥٢.