وكان أبو مسلم قبله بمرحلة فكتب إليه المنصور : إنّه قد حدث حدَث ليس يغيب عنه مثلك ؛ فالعجل العجل (١) ولعلّه لحضور أبي مسلم أخّر البيعة إلى المنزل اللاحق. وقد اكتمل يومئذ أربعين عاماً ، وامه سلامة البربرية (٢) ابنة بشير من مولّدي البصرة (٣).
وقال ابن العبري : أن أبا مسلم كان متقدماً في الطريق على أبي جعفر المنصور ، فلمّا أتاه خبر وفاة السفّاح لم يرجع إلى المنصور ولم يقم حتّى يلحقه وإنّما كتب إليه يعزّيه عن أخيه بلا تهنئة له بالخلافة! وصار له الذكر بين الأعراب إذ كان يكسوهم ويصلح آبارهم والطرق ، فخافه المنصور وهجر النوم وأجمع الرأي على المكيدة به ليقتنصه (٤) فلعل أبا مسلم كان لاحقاً بالمنصور ثمّ تعدّاه سابقاً ولم يعرّج عليه. ولكنّه بايعه (٥).
وكتب الوصيّ عيسى بن علي إلى أخيه بمصر صالح بن علي يعرّفه الحادثة في ابن أخيه أبي العباس السفّاح ، وما كان من عهده إلى أخيه المنصور ومبايعتهم له واجتماعهم عليه ، وأمره أن يبايع له.
وكان السفّاح قبل وفاته قد كتب إلى عمّه على الشام عبد الله بن علي أن يغزو صائفة الروم ويقطع الدرب عليهم ، وكان قد قطع الدرب إلى بلاد الروم ، حيث بعث إليه أخوه عيسى حاجب أخيه السفاح غسّان بن يزيد بن زياد ليبايع عبدُ الله لابن أخيه المنصور ، فلحقه وقد قطع الدرب فرجع إلى قنسّرين حتّى صار
__________________
(١) الامامه والسى اسى ه
(٢) مروج الذهب ٣ : ٢٨١.
(٣) التنبيه والإشراف : ٢٩٥.
(٤) مختصر تاريخ الدول : ١٢٠ ـ ١٢١.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٤ ـ ٣٦٥.