ولعل تشيّعه من خلال بعض حديثه بلغ هشام بن عبد الملك فكتب إليه أن : اكتب إليّ بمناقب عثمان ومساوئ علي! فلمّا ناوله رسوله كتابه وقرأه قام إلى شاة له وقرّب الكتاب إلى فمها فلاكته فقال للرسول : هذا جوابه! فقال الرسول : إنّه هدّدني إن لم أرجع إليه بالجواب يقتلني! وتوسّل إليه باخوته يقولون له : إفده من القتل! فلمّا ألحّوا عليه كتب إليه : أما بعد فلو كان لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك! ولو كان لعليّ مساوئ أهل الأرض ما ضرّتك! فعليك بخويصة نفسك! والسلام (١).
ومن تلك الأحاديث حديث «علي قسيم الجنة والنار» والذي كان أبو حنيفة يستبعده ، ولذا لما دخل على الأعمش في علته التي قُبض فيها بل في يومه ، مع ابن أبي ليلى قاضي الكوفة ، وعنده القاضي شريك بن عبد الله ـ وهو راوي الخبر ـ سألوه عن حاله ، فذكر ضعفاً شديداً ، وذكر ما يتخوّف من خطيئاته ، وأدركته رقة فبكى ، فأقبل عليه أبو حنيفة وقال له : يا أبا محمّد ؛ اتقِ الله وانظر لنفسك! فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة! وقد كنت تحدّث بأحاديث في عليّ بن أبي طالب لو رجعت عنها كان خيراً لك!
فقال الأعمش : مثل ماذا يا نعمان؟! قال : مثل حديث عباية الأسدي : «أنا قسيم النار»!
فقال الأعمش : أوَ لمثلي تقول ذا يا يهودي! ثمّ قال : أقعدوني وسنّدوني! فأقعدوه وسنّدوه فقال :
كان الحجاج يشتم علياً شتماً مقذعاً ، وفي إمرته حدّثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخُدري قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا كان يوم القيامة يأمر الله عزوجل فأقعد أنا وعلي
__________________
(١) حياة الحيوان للدميري الشافعي ١ : ٥٨٥.