أصحابه ، وظنّ جيش الشام أنّهم رجعوا للمساء فتراجعوا عنهم. فانصرف زيد حتّى بلغ سكّة البريد في دور بني شاكر من همدان وأرحب ، فادخل دار حرّان بن أبي كريمة مولى لبني شاكر.
وانطلق ناس من أصحابه فجاؤوا بسفيان مولى بني رؤاس رجل يتطبّب ليعالج السهم ، فلمّا رآه قال له : إنّك إن نزعته متّ! فقال : الموت أيسر عليّ ممّا أنا فيه! فأخرج الكلبتين وانتزع السهم فمات رضى الله عنه.
فقال القوم : أين ندفنه ونواريه؟ فقال بعضهم : نحتزّ رأسه ونلقيه بين القتلى! وكان ابنه يحيى حاضراً فأبى وقال : لا والله لا يأكل لحم أبي السباع! قال الراوي سلمة بن ثابت الليثي : فقلت : نحمله إلى العباسيّة فندفنه فيها. فقبلوا رأيي. قال :
فانطلقنا وحفرنا له حتّى إذا مكنّا له دفنّاه (بلا غسل ولا كفن) ثمّ أجرينا عليه الماء (تغطية).
قال : وكان معنا عبد سندي مملوك لزيد ، وقال غيره : بل هو عبد حبشي كان مولى لعبد الحميد الرؤاسي قد بايع زيداً ، وقال غيره : بل كان هناك نبطي يسقي زرعه فرآهم حيث دفنوه ، فلمّا أصبح ذهب إلى الحكم بن الصلت فدلّهم على موضع قبره ، فاستخرجوه وحملوه على جمل وشدّوه بالحبال ، وعليه قميص هروي أصفر ، وأقبلوا به إلى باب القصر فألقوه هناك ، وكان رحمهالله بديناً فخرّ كأنه جبل! فحزّوا رأسه! وحصلوا على نصر بن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وزياد الهندي من أنصار زيد فحزّوا رؤوسهم ، وصلبوهم بالكُناسة بالكوفة.
ووجّهوا برأس زيد وخبره مع زهرة بن سليم إلى هشام بالشام ، فما أن وصل إلى ضيعة ابن أُم الحكم حتّى اصيب بالفالج! فانصرف مفلوجاً وحمله غيره إلى هشام بالرُّصافة من رقة الشام.