وبلغ ذلك إلى الأمين فجمع قوّاده وذكر لهم خلع المأمون إيّاه وندبهم إلى الخروج عليه. فاختاروا عصمة بن أبي عصمة السُبيعي ، فسيّر الأمين معه جيشاً كثيفاً ، فخرج حتّى صار إلى حدّ خراسان! ثمّ وقف. وبلغ خبره إلى الأمين فكتب إليه يحثه على المسير فكتب إليه جواباً قال فيه : لقد اخذت علينا البيعة أن لا ندخل خراسان ، واخذت عليك أن لا تدخلها ولا ترسل أحداً إليها! فإن جاءني أحد من قبل المأمون قاتلته وإلّا فلا أجوز الحدّ!
فدعا الأمين بعلي بن عيسى بن ماهان وولّاه خراسان ودفع إليه قيد فضة! وقال له : إذا قدمت خراسان فقيّد بهذا القيد المأمون واحمله إليّ ومن معه ، وضمّ إليه من القواد والجند أربعين ألف مرتزق! وحُملت إليه الأموال.
وكان المأمون قد ولّى من قوّاده طاهر بن الحسين (مولى خزاعة) على كورة بوشنج ، فلمّا بلغه خبر ابن ماهان سنة (١٩٥ ه) ندب إليه طاهر بن الحسين وأزاح علته بالأموال والسلاح وأنفذه في خمسة آلاف إلى الريّ يستقبل علي بن عيسى ، فالتقيا بالري (من الري على خمسة فراسخ منه ـ ابن العبري).
وخرج علي بن عيسى وعليه طيلسان أسود طويل وركب برذوناً في نفر يسير يدور حول عسكره ، ورآه طاهر بن الحسين فأسرع إليه في جماعة من أصحابه حتّى لاقاه ، فدافع عن علي أصحابه ثمّ انصرف منهزماً ، فأتبعه طاهر وحده حتّى أدركه وضربه بسيفه حتّى أثخنه وسقط إلى الأرض ، فنزل إليه واحتزّ رأسه ورجع به إلى عسكره! ونصب الرأس على رمح وأمرهم ينادون على عسكره : قُتل أميركم! فانهزموا وأسلموا الخزائن والأسلحة وحوى عسكر طاهر كل ما كان في عسكر ابن ماهان! واستأمن إليه كثير منهم (في عاشر شعبان ١٩٥ ه) (١).
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣٠٠.