ألفاظ القرآن بخلافها فيهم ، فنرى هنا خبراً آخر رواه ابن الجهم الشيباني ، قال : حضرت مجلس المأمون ، وعنده الرضا علي بن موسى ، فقال له المأمون :
يابن رسول الله ، أليس من قولك : أنّ الأنبياء معصومون؟ قال : بلى. قال : فما معنى قول الله عزوجل : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١)).
فقال الرضا عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى قال لآدم : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٢)) ولم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها! فلمّا وسوس الشيطان إليهما وقال لهما : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ) وما نهاكما عن الأكل منها : (إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ* وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٣)) ولم يكن آدم وحواء رأيا قبل ذلك من يحلف بالله كاذباً فأكلا منها ثقة بيمينه بالله. وكان ذلك من آدم قبل النبوة. ولم يكن ذلك بذنب كبير يستحق به دخول النار! وإنّما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم (٤). فلمّا اجتباه الله تعالى وجعله نبياً كان معصوماً لا يُذنب كبيرة ولا صغيرة.
فقال المأمون : أشهد أنك ابن رسول الله حقاً! فأخبرني عن قول الله عزوجل في حق إبراهيم : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي).
__________________
(١) طه : ١٢١.
(٢) البقرة : ٣٥.
(٣) الأعراف : ٢٠ ـ ٢١.
(٤) كذا هنا ، وفيه كلام عند أهل الكلام ، فهم يقولون بالعصمة التامة عن الكبائر والصغائر قبل النبوة ومعها ، وهذا هنا يختلف عن الخبر السابق في التفصيل بين الجنة والأرض.